وقدم الثالث فضربه الحدّ. وقدم الرابع فضربه نصف الحد. وقدم الخامس فعزره. وقدم السادس فأطلقه وعفى عنه.
فتحيّر عمر وتعجب الناس من فعله. فقال له عمر يا ابا الحسن ستة نفر في قضية واحدة قد أقمت عليهم ستة احكام. وليس شيء منها يشبه الاخر. فقال امير المؤمنين وامام المتقين (ع) : اما الاول فكان ذميا فخرج عن ذمته ولم يكن له حد الا السيف.
وأما الثاني فرجل محصن فكان حده الرجم. واما الثالث فغير محصن وحكمه الجلد. واما الرابع فعبد وحكمه نصف الحد. واما الخامس فكان مجنون وحكمه التعزيز. واما السادس فكان مشتبها وحكمه العفو وهذا حكم الله في عباده) فسلام الله عليك يا حلال المشاكل.
(الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ) فهي الصرامة في اقامة الحد. وعدم الرأفة في أخذ الفاعلين بجرمهما. وعدم تعطيل الحد أو الترفق في اقامته تراخيا في دين الله وحقه. واقامته في مشهد عام تحضره طائفة من المؤمنين. فيكون أوجع وأوقع في نفوس الفاعلين ونفوس المشاهدين.
ثم يزيد في تفظيع الفعلة وتبشيعها. فيقطع ما بين فاعليها وبين الجماعة المسلمة من وشيجة (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً.) وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ).
اذن فالذين يرتكبون هذه الفعلة لا يرتكبونها وهم مؤمنون. وانما يكونون في حالة نفسية بعيدة عن الايمان الصحيح. وبعد ارتكابها لا ترتضي النفس المؤمنة أن ترتبط في نكاح مع نفس خرجت عن الايمان. بتلك الفعلة البشعة. لانها تنفر من هذا الارتباط السافل الرذيل.