والمسألة من هذا الجانب قد تبدو غريبة مستبعدة. ولكن لما كان الله عزوجل قد خلق هذا الانسان من نوع خاص. وخلقه ليستخلفنه في أرضه. وكان في بدء خلقه عاري عن كل معرفة فدعت الحكمة العادلة. ان يرسل له رسولا يعرفه سبل السعادة والهداية بواسطة وحيه ثم يرسله لهذا النوع من البشر. وبذلك يفتح له باب الهداية والسعادة وباب الكمال الانساني وما كان الله ليدعه في هذه الخلافة دون عون منه. ودون هدى ينير له طريقه لكل خير وصلاح وقد استودعه الاستعداد للاتصال به عن طريق تلك النفخة الروحية التي ميزته عن سائر المخلوقات.
اذن فلا عجب ان يختار الله واحدا من نوعه وجنسه صاحب استعداد روحي للتلقي. فيوحي اليه ما به يهدي اخوانه وبني نوعه من البشر. الى ما فيه كمالهم وسعادتهم في الدنيا والاخرة. انه لتكريم الالهي للانسان. وانها الحكمة الالهية والكرامة التي اختص بها هذا المخلوق (وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً).
ومن ثم يسير بهم هذا الرسول المختار من قبل الخالق الوهاب. خطوة خطوة. وهو يفهم ويقدر بواعثهم واستجاباتهم. لانه في النهاية واحد منهم يرتاد بهم الطريق الى خالقهم العظيم بوحي منه.
فهي حكمة الله الذي خلق كل شيء فقدره تقديرا. هي حكمة الله البالغة ان جعل الرسول لهذا البشر من البشر ليؤدي دوره على قيادة هذا البشر. والاعتراض على بشريته جهل بهذه الحكمة.
وما المال وما الكنوز. وما رياض هذه الحياة الآنية. مقابل ما يريد خالق الانسان لهذا الانسان من كمال انساني. وارتفاع رباني.