البيان : ترى ما الذي قصد اليه سليمان (ع) من استحضار عرشها قبل مجيئها مسلمة مع قومها. الظاهر ان هذا وسيلة لعرض مظاهر القوة الخارقة التي تؤيده. لتؤثر في قلب الملكة فتقودها الى الايمان بالله عزوجل. والاذعان لدعوته عن طريق الدليل والمعجزة.
وقد عرض عفريت من الجن ان يأتيه به قبل انقضاء مجلسه. فاستطول ذلك فاذا (الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ ..) يعرض ان يأتي به في غمضة عين قبل ان يرتد اليه طرفه (فاذا هو مستقر عنده).
عن النبي ص وآله انه سئل عن الذي عنده علم من الكتاب قال ذاك وصي أخي سليمان (ع) وعن الباقر (ع) : ان اسم الله الاعظم على ثلثة وسبعين حرفا. وانما كان عند آصف ـ وصي سليمان ـ منها حرف واحد فتكلم به فخسف الله تعالى بالارض ما بينه وبين سرير بلقيس حتى تناول السرير بيده. ثم عادت الارض كما كانت أسرع من طرفة عين. (قال) وعندنا نحن من الاسم الاعظم اثنان وسبعون حرفا. وحرف عند الله استأثر به في علم الغيب عنده. ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم. ولم يعجز سليمان عن معرفة ما عرف آصف. ولكنه أحب ان يعرف الجن والانس ان آصف وصية هو الحجة من بعده بأمر الله لئلا يختلف في أمامته) انتهى.
لقد لمست هذه المفاجأة الضخمة قلب سليمان (ع) وراعه ان يحقق الله له مطالبه على هذا النحو واستشعر ان النعمة ـ على هذا النحو ـ ابتلاء ضخم يحتاج الى يقظة منه ليجتازه. ويحتاج الى عون من الله زيادة الشكر عليه. ويحتاج الى معرفة النعمة والشعور بفضل المنعم ليعرف الله منه هذا الشعور. فيتولاه. والله غني عن شكر الشاكرين (وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ). (قالَ نَكِّرُوا لَها عَرْشَها نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ) أي غيروا معالمه المميزة له. لنعرف ان