أَيْدِيهِمْ ...) كذلك كانوا يقولون لو يأتهم رسول لاتبعوه ولكنهم حين جاءهم الحق مع الرسول لم يتبعوه (قالُوا لَوْ لا أُوتِيَ مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى) وهكذا أعرضوا ولم يذعنوا للحق. وانتحلوا الاباطيل. ولم يكونوا صادقين في قولهم هذا (أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِما أُوتِيَ مُوسى مِنْ قَبْلُ) وقد كان في الجزيرة يهود وكان معهم التوراة. فلم يؤمن لهم العرب ولم يصدقوا بما في أيديهم من التوراة. (قالُوا سِحْرانِ تَظاهَرا وَقالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كافِرُونَ) اذن فعنادهم لم يكن مستندا الى خفاء الحق. ولا الى ضعف البيان والبرهان (قُلْ فَأْتُوا بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ هُوَ أَهْدى ...) وهذه نهاية الانصاف واتمام الحجة (فان لم يستجيبوا فاعلم أنهم يتبعون أهواءهم) ان الحق في هذا القرآن لبين. وان الحجة لواضحة. الا ان الهوى هو الذي يصد عن الحق المبين. والمسألة دائرة بين أمرين لا ثالث لهما : اما اخلاص للحق واتباعه ونبذ الهوى. وعندئذ لا بد من الايمان والتسليم للحق الواضح. واما مماراة في الحق واتباع الهوى. فهو التكذيب والشقاق ولا حجة من غموض في العقيدة. ولا ضعف في الحجة والبرهان كما يدعي كذبا اتباع الهوى والشهوات (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ) (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً)
ان هذا النص ليقطع الطريق على المعتذرين بانهم لم يفهموا عن هذا القرآن ولم يحيطوا علما بهذا الدين. فما هو الا بشير ونذير لقوم يوقنون (وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ).
(وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٥١) الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (٥٢) وَإِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ قالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (٥٣) أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٥٤) وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ (٥٥))