ثم فتح الله للمسلمين دار الهجرة الى المدينة اولياء النصر واؤلياء الارث واؤلياء في الديات(الَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ .. وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ).
ان الامور بطبيعتها كذلك. ان المجتمع الجاهلي لا يتحرك كافراد انما يتحرك ككائن عضوي ومن ثم لا يملك الاسلام ان يواجههم الا في صورة مجتمع ولاؤه بعضه لبعض.
(أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا) فهذه هي الصورة الحقيقية التي يتمثل فيها الايمان هذه هي صورة النشأة الحقيقية والوجود الحقيقي لهذا الدين. انه لا يوجد حقيقة عبر اعلان القاعدة النظرية. ولا بمجرد اعتناقها. ولا حتى بمجرد القيام بالشعائر التعبدية فيها.
ان هذا الدين منهج حياة لا يتمثل في وجود فعلي الا اذا تمثل في تجمع حري؟؟؟. اما وجوده في صورة عقيدة فهو وجود حكمي. ولا يصبح حقا الا حين يتمثل في تلك الصورة الحركية الواقعية.
وهؤلاء المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم. والرزق يذكر هنا بمناسبة الجهاد والانفاق والاواء والنصرة وتكاليف هذا كله. وفوقه المغفرة وهي من الرزق الكريم بل هي اكرم الرزق (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ) فلا بأس بعد استقرار الوجود الفعلي للاسلام. من أولوية ذوي القربى في داخل الاطار العام. ان هذا يلي جانبا فطريا في النفس الانسانية.
ان الاسلام لا يحطم المشاعر الفطرية بل يحميها ويضبطها لتستقيم مع الحاجات العليا (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) وهو التعقيب المناسب على هذه الاحكام والتنظيمات والمشاعر وتنسيقها. فهي من العلم المحيط بكل شيء في علم الله تعالى.