ولا يستأخر لرجائهم انما تقع الامور في مواعيدها. وتجري وفق حكمة الخالق المتعال. (ما يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ) فهي تأخذهم بغتة وهم في جدالهم وخصامهم في معترك الحياة الفانية. وهم عن الآخرة والحياة الخالدة غافلون ساهون.
(وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ (٥١) قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (٥٢) إِنْ كانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ (٥٣) فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلا تُجْزَوْنَ إِلاَّ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٥٤) إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ (٥٥) هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ (٥٦) لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ (٥٧) سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (٥٨) وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (٥٩) أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٦٠))
البيان : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ) يسأل المكذبون (مَتى هذَا الْوَعْدُ) فيكون الجواب مشهدا خاطفا سريعا. صيحة تصعق كل حي. وتنتهي بها الحياة والاحياء. فهي تأخذهم بغتة. ثم ينفخ في الصور فاذا هم ينتفضون من القبور. ويمضون سراعا. وهم في دهش وذعر يتساءلون (مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا) ثم تزول عنهم الدهشة قليلا فيدركون (هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ). ثم اذا الصيحة الاخيرة. صيحة واحدة. فاذا هذا الشتيت الحائر المذهول يثوب.
(فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ) وتنتظم الصفوف ويتهيأ الاستعراض في مثل لمح البصر واذا القرار العلوي في طبيعة الموقف. يعلن على الجميع (فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً). وفي هذه السرعة الخاطفة التي تتم بها تلك المشاهد الثلاثة. تناسق في الرد على اولئك
(إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ) انهم مشغولون بما هم فيه من النعيم. ملتذون. وعلى الارائك متكئون. في راحة ونعيم هم وأزواجهم لهم فيها ما يشتهون.