كانوا يظهرون خلاف ذلك. ولكنه الهوى والاغراض تستدعي تغيير الواقيات. والحقائق بنقائضها (وَقالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ) هذه هي وسمات التضليلات التي يتخذها ارباب الهوى والغايات حجة لتضليل العوام والاتباع.
والحق الذي لا مرية فيه ان كبراء قريش لم يصدقوا أنفسهم لحظة وهم يقولون عن محمد ص وآله ـ الذي كان عندهم مشهورا انه الصادق الامين ـ انه ساحر وانه كذاب. وانما كان هذا سلاحا من اسلحة التهويش والتضليل والخداع التي يتذرع بها اهل الباطل وعشاق الرياسة الكاذبة في كل عصر وزمان حتى فناء الدهر. ويتخذونها سلاحا لحماية رياستهم ومصالحهم الخاصة. خشية من الحق واهله ان يسلبهم ما يعشقون ويحبون.
(ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ. إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ) وكانت عقيدة التثليث قد شاعت عند النصارى. واسطورة عزيز قد شاعت عند اليهود فكبراء قريش كانوا يشيرون الى هذا وهم يقولون : (إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ) أي ما سمعنا بهذا التوحيد المطلق لله. الذي جاء به محمد ص وآله. فما يقول اذن الا اختلاق.
ولقد حرص الاسلام حرصا شديدا على تجريد عقيدة التوحيد وتخلصها من كل ما علق بها من الاساطير والانحرافات. التي طرأت على عقائد السابقين. والمؤمن بان الله تعالى الواحد هو مصدر هذا الوجود الواحد.
يتعامل مع الوجود ومن فيه وما فيه على اساس من التعارف والتعاون والألفة والمودة. يجعل للحياة طعما وشكلا غير مالها في نفس من لا يؤمن بهذه الوحدة. ولا يحسّها بينه وبين كل ما حوله ومن حوله. والمؤمن بوحدة