بكل خصائصه دون تحريف. وهذه سمة المنهج الالهي وحده. وهي سمة كل ما يخرج من عند القدرة الالهية في كل عصر وجيل أتى وفني.
ان البشر يصنعون ما يغني مثلهم لعدم احاطتهم بقانون الله ونظامه الذي يستحيل للمخلوقات أجمع أن تأتي بمثله. ولكن الجهل أو الاهواء تعمي عن الحقائق. ان الله عزوجل أنزل هذا القرآن في هذه الليلة المباركة. أولا للانذار والتحذير :
(إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ) فالله يعلم غفلة هذا الانسان ونسيانه وحاجته الى الانذار والتنبيه.
(فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) وقد فرق فيها بهذا القرآن المجيد في كل أمر. وفصل فيها كل شأن. وتميز الحق الخالد. والباطل الزاهق. ووضعت الحدود. وأقيمت المعالم لرحلة البشرية. كلها بعد تلك الليلة الى يوم الدين. فلم يبق هناك أصل من الاصول التي تقوم عليها الحياة غير واضح. ولا مرسوم في دنيا الناس نافع الا أوضحته.
(أَمْراً مِنْ عِنْدِنا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ) وكان ذلك كله رحمة من الله بالبشر الى يوم القيامة.
(رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) لم تتجلى رحمة الله بالبشر كما تتجلى في هذا القرآن. بهذا اليسر. الذي يجعله سريع اللصوق بالقلب الحي. وتحول الكائن البشري الى انسان كريم. ان هذه العقيدة ـ التي جاء بها القرآن ـ في تكاملها وتناسقها جميلة في ذاتها جمالا تتعلق به القلوب الحية. الذي يتناول الجزئيات كلها بأدق تفصيلاتها ثم ينسقها ويربطها كلها بالأصل الكبير. وخالقها العظيم (رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ).