فانكروا ذلك عليه ونسبوا ما هم فيه الى تدبيرهم وحسن أعمالهم
(أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللهِ) انها كلمات قصيرة تلك التي جاءهم بها (رَسُولٌ كَرِيمٌ) امين) انه يطلب منهم الاستجابة لله الذي خلقهم وأنعم عليهم. والاستسلام المطلق اليه. (وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللهِ) فهي دعوة الله يحملها اليهم رسوله الامين. ومعه برهانه المبين. الذي تذعن له القلوب بدون اختيار. لشدة وضوحه ودلالته القاطعة.
ولكن الطغيان قلما يقبل النصفة فهو يخشى الحق لان أساس بنيانه باطل. ومن ثم فهو يكره الحق لان يكشف زيفه. ويحارب الحق لئلا يهدم بنيانه الباطل الضال.
(فَدَعا رَبَّهُ أَنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ) وتلقى موسى (ع) الاجابة من ربه لما دمغ به القوم. حقا انهم مجرمون. وماذا يملك الرسول الا الاستناد الى مرسله القوي الغالب.
(فَأَسْرِ بِعِبادِي لَيْلاً إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ) فالنص عليه يعيد تصوير المشهد السير بعباد الله.
(إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ) هكذا ينفذ الله عزوجل ما أراد من خلال الاسباب الظاهرة. ويلحقهم فرعون بجنوده التي لا تحصى ـ نفر عام ـ وهو في زهوه الشامخ متحقق لنفسه الفوز والنصر. على هذه القلة الزهيدة الفارة من طغيانه وظلمه وعدوانه. ولم يدر ما ذا هيء له في علم الغيب وتدبير من هو فوقه قاهر لا يغلبه غالب وها هو أضأل وأزهد من أن يحس به الوجود. وهو يسلب النعمة وتنزل عليه النقمة.
(كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) ويبدأ المشهد بصور النعيم الذي كانوا فيه يرفلون. جنات. وعيون. وزروع. ومكان مرموق. ينالون فيه الاحترام والتكريم. ونعمة يتلذونها. ثم ينزع هذا كله