ـ الانسان ـ مزود من الله تعالى بالاستعداد لمعرفة طرف من النواميس الكونية يسخر به قوى هذا الكون وطاقات تفوق هذا الانسان الضعيف كل ذلك. بفضل الله وكرمه. وفي كل ذلك آيات لمن يفكر ويتدبر. ويتبع قلبه وعقله.
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) والفكر لا يكون صحيحا وعميقا وشاملا. الا حين يتجاوز القوى والطاقات التي يكشف سرها لمصدر هذه القوى والطاقات هذه الصلة التي تيسر للانسان الاتصال بها وادراكها. ولولاها لما اتصل ولا أدرك ولا عرف ولا تمكن ولا تمتع بشيء من هذه القوى والطاقات.
(قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ) فهو توجيه كريم للذين آمنوا ليتسامحوا مع الذين لا يرجون أيام الله. والواقع أن الذين لا يرجون أيام الله مساكين يستحقون العطف أحيانا. والقصاص تارة أخرى.
(لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) ويعقب على هذا بفردية التبعة وعدالة الحاكمية. وتوكيد الرجوع الى الله وحده في نهاية المطاف.
(مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها) بذلك يتسع صدر المؤمن ويرتفع شعوره ويحتمل المساءات الفردية من الحمقاء المحجوبين فهو أكبر وأفسح وأقوى. وهو حامل مشعال الهدى للمحرومين من النور. وحامل بلسم الشفاء للمصابين. والامر مرده كله الى الخالق العظيم في النهاية واليه المرجع والمآب.
(وَلَقَدْ آتَيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلَى الْعالَمِينَ (١٦) وَآتَيْناهُمْ بَيِّناتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (١٧) ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (١٨) إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئاً وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ