من الطيب. واستنكار التسوية بين مجترحي السيئات وفاعلي الحسنات. سواء في الحياة أو في الممات. ومخالفة هذا للقاعدة الثابتة الاصيلة في بناء الوجود كله. قاعدة الحق الذي يتمثل في بناء الكون. كما يتمثل في شريعة الخالق العظيم. كما يتحقق في التفرقة بين المسيئين والمصلحين. في جميع الاحوال (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) لانه أصل من أصول هذه العقيدة. ويرجع اليه في الانفس والافاق. وهو اساس (فكرة الاسلام على الكون والحياة والانسان).
(أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ) والتعبير القرآني المبدع نموذجا عجيبا للنفس البشرية حين تترك الاصل الثابت وتنحرف عن خطها المستقيم. وتتبع الهوى المنقلب. وحين تتبعد هواها. فما تتعرف على سواها مهما كانت تسنده الادلة والبراهين الواضحة.
أفرأيته. انه كائن عجيب يستحق التأنيب والتوبيخ. ألا يكون هذا العمل له ضلالا. وان نسب الى الله تعالى مجازا ليعبر عن قدرته القاهرة التي لو أراد منعه لمنعه قهرا. ولكن شاءت حكمته أن يبين لهذا الانسان اسباب الخير والشر والهدى والضلال. ويترك له الخيار ـ بعد أن أمره بالخير والهدى ونهاه عن الشر والضلال ـ فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر. والحساب للتالي. فللمطيع (الكفالة والحماية في الدنيا والنعم والكرامة في الاخرة. وللمسيء العناء والبلاء في الدنيا وفي الاخرة. يخلد في جهنم وبئس المصير. (أَفَلا تَذَكَّرُونَ) ومن تذكر صحى قلبه وهداه عقله. ومن ترك الذكرى اتبع هواه وأخزاه وأرداه.
(وَقالُوا ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا) هكذا كانوا ينظرون تلك النظرة