(وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ (٢١) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (٢٢) وَقالَ قَرِينُهُ هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ (٢٣) أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (٢٤) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ (٢٥) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَأَلْقِياهُ فِي الْعَذابِ الشَّدِيدِ (٢٦) قالَ قَرِينُهُ رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ وَلكِنْ كانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (٢٧) قالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (٢٨) ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَما أَنَا بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (٢٩) يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (٣٠))
البيان : فالنفس هنا هي التي تحاسب. وهي التي تتلقى الجزاء ومعها سائق وشاهد قد يكونان هما الكاتبان والحافظان لها في الدنيا وهو مشهد اشبه بالمحاكمة امام الخالق العادل. (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا) قوى لا يغلبه غالب ولا يردعه رادع. ولا يخفى عليه صغيرة ولا كبيرة حتى ما توسوس به الصدور. فيا لها من محكمة ويا له من حاكم عدل لا يجور. وهذا هو الوعد الذي أكثر الناس عنه غافلون. وهذا هو الموقف الذي كانوا به يوعدون. ولا يذكر السياق شيئا عن مراجعة السجل. انما يذكر القرار الاخير الذي قضى على المجرمين.
(أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ) وذكر النعوت المتعددة يدل على ان كل من شمله وصف منها كان من المستحقين لدخول جهنم بعد نهاية المحاسبة واعطاء القرار الاخير. عندئذ يفزع قرينه ويرتجف. ويبادر الى ابعاد التهمة عن نفسه. بما انه كان مصاحبا له (قالَ قَرِينُهُ رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ) وربما كان القرين هنا هو الشيطان. الموكل به ليغويه والآن يتبرأ منه كما ذكر ذلك في موضع سيأتي (اذ قال الشيطان للانسان اكفر فلما كفر قال اني بريء منك) ويقرر قرينه الذي أغواه أنه وجده ضالا. وهل يغوي الشيطان الا الضالين الاشرار. (قالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ) فالمقام ليس مقام أختصام. وقد سبق الوعيد والانذار. وكل شيء مسجل لا يقبل الانكار. فالحاكم عادل خبير