وهذا القرآن يخبر عن خالق الجن ان منهم صالح وطالح. ومطيع وعاصي. وخير وشرير. (وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللهَ فِي الْأَرْضِ) فهم يعرفون قدرة الله تعالى عليهم في الارض ويعترفون بعجزهم عن الهرب من سلطانه عزوجل. وعدم الافلات من قبضته. والفكاك من سطوته. وهؤلاء الجن هم الذين يعوذ بهم رجال من الانس ويعترفون بعجزهم وقهر الله لهم. ثم يصفون حالهم عند ما سمعوا الهدى (وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى آمَنَّا بِهِ)
(فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً) وهي ثقة المطمئن الى عدل الله والى قدرته. ثم الى طبيعة الايمان وحقيقته. فالله سبحانه عادل ويستحيل ان يعذب او يترك عبده المؤمن المطيع المستسلم لمشيئته وارادته. ولن يرهقه فوق طاقته. فالمؤمن في امان الله وكفالته في كل ما يخشاه ويحتاج اليه. ما زال العبد مطيعا لخالقه.
(وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً) واوضح مصاديقهم اهل السقيفة الميشومة. اذن فالجن كالبشر تماما المطيع منهم ينعم في جنات النعيم. والعاص منهم يعذب في نار الجحيم. وليس الامر كما ورد عن ابي حنيفة انه قال : تعجبت من جعفر الصادق فانه يقول ان الله سيعذب ابليس بالنار. وكيف يعذب من كان من النار في النار فهذا قول هراء لا اساس له ولا بنيان. وابو حنيفة قياسه قد ارده واورده المهالك.
(وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً) وهذا مما يربط بين الاستقامة على طاعة الخالق العظيم. وبين اغداق النعم والخيرات من عند الرزاق الكريم. وهذا ما يصدقه قوله عزوجل : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) (٧ ـ ٩٥)
وهذا الارتباط بين الاستقامة على الهدى والطاعة. والامن والرخاء