فكانت لرسول الله أربعا ولأصحابه ركعتين ركعتين» (١) والجمهور والتواتر على الكيفية الأولى وعلى أن صلاة الخوف مقصورة على ركعتين. ولقد قال بعض العلماء إن جملة (وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ) تفيد أن صلاة الخوف خاصة بالنبي وحياته. غير أن الجمهور والتواتر على أنها مستمرة الحكم بعده.
وكلام المفسرين والأحاديث في صدد صلاة الخوف جماعة. وفي ظروف مواجهة عدو محارب. وهو المستفاد من الآيات أيضا. غير أنه يرد على البال أمران الأول أن يكون الذي يواجه الخطر واحدا وأن يكون الخطر غير خطر عدو محارب مثل لصوص وقطاع طرق إلخ ويتبادر لنا أن للمسلم أن يقصر ويصلي صلاة الخوف منفردا في أي حالات الخطر والخوف والله تعالى أعلم.
ومع أن نصّ الآيات صريح بأن قصر الصلاة قاصر على ظروف الخوف من الأعداء فإن هناك آثارا تفيد أن السنة النبوية جعلته شاملا للسفر في حالة الأمن أيضا. فمن ذلك حديث رواه مسلم والترمذي وأبو داود والنسائي عن يعلى بن أمية قال «قلت لعمر بن الخطاب ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا. وقد أمن الناس. فقال عجبت مما عجبت منه فسألت رسول الله عن ذلك فقال صدقة تصدّق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته» (٢). والحديث يفيد أن تعميم القصر على السفر في حالة الأمن إلهام رباني وهذا هو المتواتر الذي عليه الجمهور. وهناك أحاديث نبوية تؤيد ذلك يأتي بعضها بعد هذا.
وفي مدة السفر التي يصح قصر الصلاة فيها روى الخمسة عن أنس قال «خرجنا مع النبي صلىاللهعليهوسلم من المدينة إلى مكة فكان يصلّي ركعتين ركعتين حتى رجعنا قال راوي الحديث عن أنس قلت ماذا أقمتم في مكة قال أقمنا عشرا» (٣) وروى
__________________
(١) التاج ج ١ ص ٢٦٣ و ٢٦٤.
(٢) المصدر نفسه ص ٢٦٥.
(٣) المصدر نفسه ص ٢٦٥ و ٢٦٦. وهناك أحاديث أخرى فيها خبر قصر النبي صلىاللهعليهوسلم للصلاة في السفر الأمن فاكتفينا بما أوردناه. وقد قال الشارح إن الفرسخ ثلاثة أميال والميل ألف باع.