(يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً (١٧٠)) [١٧٠].
عبارة الآية واضحة هي الأخرى. ولم نطلع على رواية ما في سبب نزولها أيضا. ومن المحتمل أن تكون معقبة على الآية السابقة ومتصلة بها. ومن المحتمل كذلك أن تكون متصلة بالآيات اللاحقة لها اتصال تقديم وتمهيد. وهي على كل حال قوية نافذة موجهة إلى العقول والقلوب معا. وعامة التوجيه لكل نحلة وملة وجنس. فرسالة الرسول الذي جاءهم بالحقّ من ربهم هي دعوة لجميع الناس إلى الله وسبل الخير والصلاح والسعادة في الدنيا والآخرة. والإيمان بها هو لمصلحة المؤمنين بها وخيرهم. لأن الله غني عن الذين يكفرون بها وهو الذي له ما في السموات والأرض وهو العليم بكل شيء الحكيم الذي لا يأمر إلّا بما فيه الحكمة والسداد.
(يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً (١٧١) لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً (١٧٢) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذاباً أَلِيماً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (١٧٣)) [١٧١ الى ١٧٣].
(١) الاستنكاف : بمعنى الأنفة.
وجّه الخطاب في الآيات إلى أهل الكتاب. وعبارتها واضحة. وهي تلهم أنها تقصد النصارى. وقد تضمنت :