يقبل الله التوبة من المشرك إذا تاب». وروى المفسّر نفسه عن ثابت بن عامر قال «إن رجلا من أهل اليمن أصابت ابنة أخيه فاحشة فأمرّت الشفرة على أوداجها فأدركت وعولج جرحها حتى برئت ثم إن عمّها انتقل بأهله حتى قدم المدينة فقرأت القرآن ونسكت حتى كانت من أنسك نسائهم فخطبت إلى عمها وكان يكره أن يدلسها ويكره أن يغشى على ابنة أخيه فأتى عمر فذكر ذلك له فقال له لو أغشيت عليها لعاقبتك وإذا أتاك رجل صالح ترضاه فزوجها إياه» وروى المفسّر أيضا عن طارق بن شهاب «أن رجلا أراد أن يزوج أخته فقالت إني أخشى أن أفضح أي فقد بغيت فأتى عمر فقال أليس قد تابت قال بلى قال فزوّجها». وفي الطبري أحداث وأحاديث أخرى من هذا الباب لم نر حاجة إلى إيرادها اكتفاء بما تقدم. وإذا كانت هذه الأحداث والأحاديث ذكرت حالات نساء زنين فتبن فشجع عمر على تزويجهن فإن ذلك ينطبق بطبيعة الحال على الرجال إذا زنوا ثم تابوا.
ومع ذلك كلّه فإننا نقول إن الآية على أخفّ التأويلات انطوت على كراهية شديدة للتزوج بالزانية وتزويج الزاني وتشنيع على ذلك. وأن هذا ينبغي أن يكون واردا ولا سيما إذا كان أمر الزاني أو الزانية مشهورا. وأنه يحسن أن يلاحظ ذلك ويؤخذ بالتلقين السامي القرآني ما أمكن لمنع تسهيل الغواية ولتأديب الغاوين معا إلّا إذا كان في الحادث إنقاذ لرجل أو امرأة وحصل التأكد من توبتهما. أما القول إن الآية منسوخة بآية (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ) [النور : ٣٢] فلا نرى مناسبة له في هذا المقام وإن كان يصح أن يقال إن حكم هذه الآية يشمل كل أعزب وعزباء ومن جملتهم من كان اقترف جريمة الزنا ثم تاب وأصلح ، والله تعالى أعلم.
(وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (٤) إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥)) [٤ ـ ٥].
(١) يرمون : هنا بمعنى يتهمون بالزنا.