ولو سئلت النساء عما يفضلنه لكان جواب سوادهن الأعظم الزواج والأمومة والبيت. ويستوي في ذلك كلهن على اختلاف الظروف والحالات والأدوار والأطوار. لأنه الأمر الطبيعي الذي أعدهن الله تعالى له. وعلى هذا كله فكل عمل يمكن أن يخل إخلالا جوهريا بذلك يخرج عن صفة (المشروع) ولو كان في حد ذاته مشروعا. وكل عمل مشروع يصح أن تمارسه المرأة في نطاق الاحتشام يجب أن يكون متسقا مع ذلك.
فالمرأة التي تسمح لها مشاغل البيت والزوجية والأمومة ، أو المرأة التي لم يتيسر لها أن تشتغل بهذه المشاغل هي التي يصح أن تمارس ذلك العمل المشروع الذي لا تمنع الشريعة الإسلامية ممارسته.
وهناك أمران آخران. الأول : هو ملاحظة كون الرجل في الشريعة الإسلامية هو المكلف بالإنفاق على المرأة. وهو المرشح الأول والطبيعي نتيجة لذلك للأعمال التكسبية التي يجني منها ما يحتاج إليه من النفقة المكلف بها. فإذا اندفعت المرأة نحو الأعمال التكسبية من وظائف ومهن اندفاعا واسعا فيه احتمال لمزاحمة الرجل وتضييق مجال وفرص تكسبه ، مكانا أو مقدارا أو قيمة ، أصبح ذلك غير مشروع لأنه يعطل أو يعسّر واجب الرجل الذي أناطت الشريعة الإسلامية به الإنفاق في حين أنه لا يكون في الأعم الأغلب بديلا عنه ، فضلا عن أنه لا يصح أن يكون بديلا عنه لأن ذلك يكون قلبا للأوضاع الطبيعية والجنسية والشرعية. فالحق عندنا والحالة هذه هو أن يكون اضطلاع المرأة بالأعمال التكسبية في النطاق الذي لا يضار به الرجل من جهة ، ومنوطا بالدرجة الأولى بالحاجة والضرورة من جهة أخرى.
أما الأمر الثاني : فهو مراعاة وجوب انطباق الأعمال التكسبية التي تضطلع بها المرأة في النطاق المذكور على طبيعتها الجنسية وأن لا تكون مما يرهقها ويذهب بأنوثتها سواء أكان ذلك مما تؤهلها له ثقافتها ودراستها أم بنيتها وخبرتها ومرانها. فالطبابة والصيدلة والتعليم والمحاسبة والكتابة مثلا أكثر انطباقا على المرأة الجامعية من هندسة الطرق والميكانيكيات المتنوعة. والغزل والزخرف والخياطة والتطريز