والرسم والتجارة والعمل الديواني والهاتف مثلا أكثر انطباقا على غير الجامعية من الحدادة والنجارة والنحاتة والطباعة إلخ. والله أعلم.
وقبل أن ننتهي من هذا البحث نريد أن نستدرك أمرا مستلهما من حديث أوردناه في تفسير سورة الروم رواه أصحاب السنن جاء فيه جواب على سؤال أي النساء خير فقال النبي «الذي تسرّه إذا نظر وتطيعه إذا أمر ولا تخالفه في نفسها ومالها بما يكره» ولقد علقنا على هذا الحديث سابقا بما فيه الكفاية. ولكن نقول هنا إنه يحسن على ضوئه أن يكون نشاط المرأة المتزوجة خارج البيت سياسيا كان أم اجتماعيا أم تكسبيا مقترنا برضاء الزوج. لأن عدم رضاه قد يؤدي إلى النزاع والشقاق. وعلى الزوج العاقل الذي لا بد من أن يدرك من نصوص كتاب الله وأحاديث النبي أن المرأة مؤهلة لذلك النشاط وأنه غير مخالف للكتاب والسنة وإن فيه مصلحة وفائدة عامة وخاصة أن يرضى عنه ويباركه ولا يضع العراقيل في طريقه إذا لم يكن حقا شاغلا للزوجة عن واجباتها الزوجية الأساسية. أما إذا لم يفعل رغم ذلك ورأت الزوجة أن معارضة زوجها ضارة بها فلها إذا أحبت أن تدافع عن نفسها وحقها إذا كانت ترى أن نشاطها مشروعا لا بد منه لمصلحتها ومصلحة زوجيتها ومجتمعها اقتداء بالمرأة التي فعلت ذلك وأقرها الله ورسوله عليه على ما جاء في أول سورة المجادلة (قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ ...) [١] وأن ترفع الأمر إلى الحاكم ليحل الخلاف ويقر الأمر في نصابه الحق في نطاق ومدى آية سورة النساء (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما ...) [٣٥] التي شرحناها سابقا. والله أعلم.
وكلمة أخرى نقولها في صدد واجب الزوجة بطاعة زوجها أن يكون ذلك في معروف وفي غير معصية ومنكر وفيه خير ومصلحة. وهذا مستلهم من آية سورة الممتحنة التي أمر النبي فيها بقبول بيعة النساء بعدم عصيانه في معروف (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ