وهناك حديثان يذكر أحدهما أن النبي صلىاللهعليهوسلم أمر بقتل جاسوس من الأعداء وذكر ثانيهما أن النبي أمر بقتل من قال عن نفسه إنه مسلم وتجسّس للأعداء. وقد روى أولهما البخاري وأبو داود عن سلمة بن الأكوع قال «أتى النبيّ صلىاللهعليهوسلم عين من المشركين وهو في سفر فجلس مع أصحابه يتحدّث ثم انفتل فقال النبي اطلبوه فاقتلوه. قال فقتلته فنفّلني سلبه» (١). وروى ثانيهما أبو داود وأحمد جاء فيه «أن النبي صلىاللهعليهوسلم أمر بقتل فرات بن حيّان وكان عينا لأبي سفيان. وكان حليفا لرجل من الأنصار فمرّ بحلقة من الأنصار فقال إني مسلم فقال النبي إنّ منكم رجالا لا نكلهم إلى إيمانهم. منهم فرات بن حيّان» (٢).
ويرد على البال الجواسيس الذين تبثّهم الحكومات بين رعاياها. فإن كان ذلك ضدّ المجرمين وجرائمهم حقا وصدقا فقد يكون مبررا. وإن كان لغير ذلك يكون إثما عند الله وداخلا في نطاق النهي القرآني والنبوي ، والله تعالى أعلم.
(يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (١٣)) [١٣].
(١) شعوبا وقبائل : أوجه الأقوال في الكلمتين على ما تلهمه روح الآية وتقديم الأولى على الثانية أن (الشعب) هو الأصل البعيد الجامع وأنه سمّي بذلك لأنه يتشعب إلى فروع. وأن (القبيلة) هي الأصل القريب المتفرع عن الشعب التي يتجمع فيها أفراد الفرع المنحدرين من أب أقرب.
__________________
والمشركين حيث يكونون بذلك أعداء للمسلمين. وفي السلسلة نعت الذين يفعلون ذلك بالارتداد أيضا.
(١) التاج ج ٤ ص ٣٦٠.
(٢) المصدر نفسه ص ٣٦٠ ذكر الشارح في ذيله أن النبي صلىاللهعليهوسلم عدل عن قتل فرات لأن حليفه كفله وأنه تاب وحسن إسلامه. ولم يذكر سندا لذلك. فإذا صح ففيه سنة نبوية بطبيعة الحال.