قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ). (١)
وعلى ما مرّ فنسبة الكتمان إلى الملائكة ـ وهو فعل إبليس ـ بناءا على الجري على الدأب الكلامي ؛ من نسبة فعل الواحد إلى الجماعة إذا اختلط بهم ولم يتميّز منهم.
وهاهنا روايات أخر تفسّر الكتمان بمعنى آخر :
ففي تفسير العيّاشي عن أبي عبد الله ـ عليهالسلام ـ قال : «لمّا أن خلق الله آدم ، أمر الملائكة أن يسجدوا له ، فقالت الملائكة في أنفسها : ما كنّا نظنّ أنّ الله خلق خلقا أكرم عليه منّا ، فنحن جيرانه ونحن أقرب الخلق إليه ، فقال الله : (أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ)، (٢) فيما أبدوا [من] أمر بني الجانّ ، وكتموا ما في أنفسهم ، فلاذت الملائكة الذين قالوا ما قالوا بالعرش». (٣)
وعن عليّ بن الحسين ـ عليهالسلام ـ ما في معناه ، وفيه : «فلمّا عرفت الملائكة أنّها وقعت في خطيئة لاذوا بالعرش ، وإنّها كانت عصابة من الملائكة وهم الذين كانوا حول العرش ، لم يكن جميع الملائكة ـ إلى أن قال : ـ فهم يلوذون حول العرش إلى يوم القيامة» (٤) الخبر.
أقول : ويمكن أن يستفاد مضمون الروايتين من قوله سبحانه حكاية عنهم : (وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ)، (٥) وقوله : (سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا
__________________
(١). البقرة (٢) : ٣٠.
(٢). البقرة (٢) : ٣٣.
(٣). تفسير العياشي ١ : ٣٣ ، الحديث : ١٤.
(٤). تفسير العياشي ١ : ٣٠ ـ ٣١ ، الحديث : ٧.
(٥). البقرة (٢) : ٣٠.