إلّا بملء مسك (١) ذهبا ، فجاءوا إلى موسى وقالوا له ذلك ، قال : اشتروها ، فاشتروها وجاءوا بها ، فأمر بذبحها ، ثمّ أمر أن يضربوا (٢) الميّت بذنبها ، فلمّا فعلوا ذلك حيي المقتول وقال : يا رسول الله! إنّ ابن عمّي قتلني ، دون من ادّعي (٣) عليه قتلي ، فعلموا بذلك قاتله ، فقال لرسول الله موسى بعض أصحابه (٤) : إنّ هذه البقرة لها نبأ؟ فقال : وما هو؟ قال : إنّ فتى من بني إسرائيل كان بارّا بأبيه ، وإنّه اشترى بيعا فجاء إلى أبيه والأقاليد تحت رأسه ، فكره أن يوقظه ، فترك ذلك البيع ، فاستيقظ أبوه فأخبره ، فقال : أحسنت ، هذه البقرة فهي لك عوضا ممّا فاتك ، فقال له رسول الله موسى : انظر إلى البرّ ما بلغ بأهله». (٥)
أقول : وبالرواية يظهر وجه التعرّض لقصّة البقرة بالإطناب ، فهو تقريع عليهم بالتشديد على تشديدهم.
قوله سبحانه : (وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً)
فصل القصّة ب «إذ» ـ المشعر بالتعدّد ـ لغرض الاهتمام بموارد الأهمّية منها ، على ما يوجبه قاعدة الالتقاط والانتخاب ، كمجرى قوله : (وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً* وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ) ، (٦) وهو شائع.
__________________
(١). فى المصدر : «بمسكها»
(٢). في عيون أخبار الرضا ـ عليهالسلام ـ : «يضرب»
(٣). في عيون أخبار الرضا ـ عليهالسلام ـ : «يدّعى»
(٤). في عيون أخبار الرضا ـ عليهالسلام ـ : «فقال رسول الله موسى لبعض أصحابه» ، وهو الصحيح.
(٥). لم توجد في معاني الأخبار ، ولكن رواها في عيون أخبار الرضا ـ عليهالسلام ـ ٢ : ١٣ ـ ١٤ ، الحديث : ٣١ ؛ وفي تفسير العياشي ١ : ٤٦ ، الحديث : ٥٧ ، مع اختصار.
(٦). طه (٢٠) : ١١٥ ـ ١١٦.