وقوله : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ ...)، فبيّن أنّ المقصود بالإرسال والإنزال والهداية بيان الآيات ، وقد بيّن لقوم يوقنون ، وليس بالمبتذل ذلك الابتذال حتّى يناله كلّ متهوّس مجازف ، وليس كلّ من تسمّى بأهل الكتاب أهلا للكتاب ، بل أهل الكتاب هم التالون له المؤمنون به ، وأمّا الكافرون به فهم الأهل لأن يسمّوا بالخاسرين ، لا بأهل الكتاب ، هذا.
وفي الإرشاد للديلمي عن الصادق ـ عليهالسلام ـ في قوله : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ) قال : «يرتّلون آياته ، ويتفقّهون به ويعملون بأحكامه ، ويرجون وعده ، ويخافون وعيده ، ويعتبرون بقصصه ، ويأتمرون بأوامره ، وينتهون بنواهيه ، ما هو ـ والله ، حفظ آياته ، ودرس حروفه ، وتلاوة سوره ، ودرس أعشاره وأخماسه ، حفظوا حروفه وأضاعوا حدوده ، وإنّما هو تدبّر آياته والعمل بأحكامه ؛ قال الله تعالى : (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ)» (١). (٢)
وفي تفسير العيّاشي عن الصادق ـ عليهالسلام ـ في قول الله : (يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ) قال : «الوقوف عند الجنّة والنار». (٣)
وفيه وفي الكافي عنه ـ عليهالسلام ـ في الآية ، قال : هم «الأئمّة». (٤)
أقول : أصل الآية في مورد اليهود والنصارى ، لكنّها شاملة لكلّ من اوتي كتابا وقام به حقّ القيام على مراتبه ، فما في الأخبار من باب الجري.
*
__________________
(١). ص (٣٨) : ٢٩.
(٢). إرشاد القلوب ١ : ٢٧٨.
(٣). تفسير العيّاشي ١ : ٥٧ ، الحديث : ٨٤.
(٤). تفسير العيّاشي ١ : ٥٧ ، الحديث : ٨٣ ؛ الكافي ١ : ٢١٥ ، الحديث : ٤.