أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً). (١)
فمن الإسلام ما يتأخّر تحقّقا عن الإيمان ، ويتبعه الإيمان التفصيلي بالحقائق. قال سبحانه : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) (٢) وقال أيضا : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ* تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ) (٣) ففيها إرشاد المؤمنين إلى الإيمان ، فالإيمان غير الإيمان.
وثالثها : ما يلي الإيمان بالمرتبة الثانية ، فالنفس إذا أنست بالإيمان المذكور وتخلّقت بأخلاقه تمكّن فيها ، وانقادت له سائر القوى البهيميّة والسبعيّة ، وبالجملة ، القوى المائلة إلى هوسات الدنيا وزخارفها الغارّة ، فصار الإنسان يعبد الله كأنّه يراه ، فإن لم يكن يراه فإنّه يراه ، فلم يجد في سرّه ما لا ينقاد إلى أمر الله ونهيه وقضائه وقدره ، قال سبحانه : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (٤) والإيمان بالمرتبة الثالثة يتعقّبه. قال سبحانه : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) ، (٥) إلى أن قال : (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ). (٦)
روى البرقي عن عليّ ـ عليهالسلام ـ قال : «الإسلام هو التسليم والتسليم
__________________
(١). البقرة (٢) : ٢٠٨.
(٢). الحجرات (٤٩) : ١٥.
(٣). الصف (٦١) : ١٠ ـ ١١.
(٤). النساء (٤) : ٦٥.
(٥). المؤمنون (٢٣) : ١.
(٦). المؤمنون (٢٣) : ٣.