اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ) قال : «نحن هم ، وقد قالوا : هو امّ الأرض». (١)
أقول : إشارة إلى ما يفيده قوله تعالى : (وَيَقُولُ الْأَشْهادُ هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) (٢) فافهم.
واعلم : أنّ في الآيات أربعة موارد من الالتفات : فمن الغيبة إلى التكلّم مع الغير في قوله : (ما أَنْزَلْنا) أوّلا ، ومن التكلّم مع الغير إلى الغيبة في قوله : (يَلْعَنُهُمُ اللهُ) ثانيا ، ومن الغيبة إلى التكلّم وحده في قوله : (أَتُوبُ عَلَيْهِمْ) ثالثا ، ومن التكلّم وحده إلى الغيبة في قوله : (فَلَعْنَةُ اللهِ) رابعا.
والوجه في العدول إلى الغيبة في قوله : (يَلْعَنُهُمُ اللهُ) وقوله : (فَلَعْنَةُ اللهِ) هو أنّ اللعن من الأمور التي يشتدّ ويضعف بالإضافة إلى مصدره وفاعله ، فالإضافة إلى لفظ الجلالة لإفادة التشديد.
والوجه في العدول إلى التكلّم وحده في قوله : (أَتُوبُ عَلَيْهِمْ) لإفادة الرحمة والحنان ونهاية الاهتمام بالإضافة إلى نفسه.
والوجه في العدول إلى التكلم مع الغير في قوله : (ما أَنْزَلْنا) من حيث إنّ الإنزال إنّما هو بالوسائط من الملائكة ، والعظماء يتكلّمون في الامور التي لها وسائط عنهم وعن أعوانهم وخدمهم. لكنّ الأشبه أنّ قوله : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ) ابتداء كلام ، فلا التفات فيه.
*
__________________
(١). تفسير العياشي ١ : ٧٢ ، الحديث : ١٤١.
(٢). هود (١١) : ١٨.