إنّه عالم ... وهكذا.
وربّما يتّصف الشيء بالوحدة من حيث الذات ، وهو عدم التكثّر والتجزّي في الذات بذاته فلا تتجزّي إلى جزء وجزء وإلى ذات واسم ... وهكذا ، وهي المسمّاة بأحديّة الذات ، وسيجيء شرحه.
وفي الخصال والتوحيد والمعاني عن شريح بن هاني ، قال : «إنّ اعرابيّا قام يوم الجمل إلى أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ ، فقال : يا أمير المؤمنين ، أتقول إنّ الله واحد؟ قال : فحمل الناس عليه ، فقالوا : يا أعرابي ، أما ترى ما فيه أمير المؤمنين من تقسّم القلب؟! فقال أمير المؤمنين : دعوه ؛ فإنّ الذي يريده الأعرابي هو الذي نريده من القوم.
ثمّ قال ـ عليهالسلام ـ : يا أعرابي ، إنّ القول في أنّ الله واحد على أربعة أقسام ، فوجهان منها لا يجوزان على الله ـ عزوجل ـ ، ووجهان يثبتان فيه :
فأمّا اللذان لا يجوزان عليه : فقول القائل : واحد ، يقصد به باب الأعداد ، فهذا ما لا يجوز ، لأنّ ما لا ثاني له لا يدخل في باب الأعداد ، أما ترى أنّه كفر من قال : إنّه ثالث ثلاثة؟! وقول القائل : هو واحد من الناس يريد به النوع من الجنس ، فهذا ما لا يجوز ؛ لأنّه تشبيه ، وجلّ ربّنا وتعالى عن ذلك.
وأمّا الوجهان اللذان يثبتان فيه : فقول القائل : هو واحد ليس له في الأشياء شبه ، كذلك ربّنا ، وقول القائل : إنّه ـ عزوجل ـ أحديّ المعنى ؛ يعنى به أنّه لا ينقسم في وجود ولا عقل ولا وهم ، كذلك ربّنا». (١)
أقول : الوجهان اللذان أثبتهما ـ عليهالسلام ـ كما ترى منطبقان على ما
__________________
(١). الخصال ١ : ٢ ، الحديث : ١ ؛ التوحيد : ٨٣ ، الحديث : ٣ ؛ معاني الأخبار : ٥ ، الحديث : ٢.