ربما يكون وضع اسماء الاشارة والضمائر والموصولات لمثل هذا المعنى (١) وسيجيء الكلام ايضا فى شرحها إن شاء الله تعالى ، ثم انه بعد ما اتضح ذلك فنقول ان ما يصلح للاشارة الى المصاديق (٢) فى باب عموم الوضع وخصوص الموضوع له هو العناوين العامة الاجمالية لا العمومات الحاكية عن الجوامع التفصيلية (٣) كيف و
______________________________________________________
(١) اى المعنى المبهم ولذلك يطلق عليه المبهمات وسيأتى الاشارة اليه ويمكن ان نقول وجه آخر فيها وسيأتى ايضا وملخصه ان الموضوع له فيها عبارة عن معنى فيه ابهام متحد مع ما يماثل مفهوم مرجعها لكنه مع اشتمالها على خصوصية زائدة من الغيبة والحضور كما فى الضمائر او الاشارة المعهودية كما فى اسماء الاشارة والموصولات من نحو هذا والذى ونحوهما ويشهد لذلك التعبير عنها بالفارسية ب ـ او ـ و ـ اين ـ ونحو ذلك فالموضوع له فيها معنى ابهامى ولذلك ايضا تحتاج دائما الى عطف البيان بقولك هذا الرجل هذا الانسان وهذا زيد ونحو ذلك ، كيف ودعوى وضعها للمراجع الخاصة والصور التفصيلية بعيدة غاية لان لازمه انسباق مفهوم الانسان فى مثل هذا الانسان مرتين فى الذهن تارة من لفظ هذا واخرى من لفظ الانسان ، وهو كما ترى ، كما ان مثله فى البعد دعوى كون هذا موضوعا لنفس الاشارة التى هى معنى حرفى وان هذا يقوم مقام الاشارة باليد الى الانسان وغيره ، اذ لازم ذلك ايضا هو عدم اجراء احكام الاسم عليها من جعلها مسندا اليه ومسندا مع انه ايضا كما ترى وذلك بخلافه على المعنى الاول فانه عليه قد حفظ جهة اسمية المعنى فيها فلا يلزم من اجراء احكام الاسم عليها ارتكاب خلاف القواعد كما لا يخفى.
(٢) ثم شرع قدسسره فى بيان ان الوضع عام والموضوع له خاص من اىّ واحد من هذه الاقسام الاربعة وملخصه ان الوجهين الاخيرين يتأتى ذلك للواضع بوسيلة العنوان المبهم الذى يخترعه النفس مطابقا لما تحاول الحكاية به عن الامور الخاصة بما هى خاصة ولو اجمالا ففى مقام وضع لفظ الانسان مثلا او غيره الى ما ينطبق عليه هذا العنوان العام من المصاديق والصور التفصيلية او يلاحظ الواضع بتوسط العنوان الكلى معنى مبهما ثم فى مقام الوضع يضع اللفظ بازاء ذلك المعنى المبهم المنطبق على المصاديق كليا وجزئيا منها الانسان والحيوان ومنها زيد وعمرو وبكر واضعا لفظ الانسان بازاء الصور التفصيلية المزبورة.
(٣) بل يحكيان عن محكيهما فان القسمين الاولين لا يجرى فيه الوضع المزبور لعدم حكاية شيء منهما ولو بنحو الاجمال عن خصوصيات الموضوع له ليمكن الوضع له بعد تصوره.