والمشهور (١) ان المعنى والملحوظ مفاهيم غير مستقلة بذاتها فى عالم الذهن نظير النسب الخارجية القائمة بالوجودات الخارجية المتقوّمة بغيرها فى الخارج مع (٢)
______________________________________________________
واحدا لا تعدد اصلا ، وانما الفرق بينهما من جهة كيفية اللحاظ من حيث الاستقلالية والآلية لمعنى آخر والحاصل انه على هذا القول يكون المعنى الحرفى من قبيل قيام المرآة بالمرئى وكونه ملحوظا باللحاظ الآلي ومنظور بالنظر المرآتى.
(١) هذا هو القول الثانى وهو المختار عند الماتن قدسسره بان يكون المعانى الحرفية عبارة عن نفس الروابط الخاصة الذهنية وعين النسب والربط والاضافات المتحققة بين المفهومين التى من سنخ الاضافات المتقومة بالطرفين خارجا وموجبا لذلك لكن لا لمفهوم الربط وهو معنى اسمى بل واقع الربط الذهنى ومصداقه بالحمل الشائع ، وان شئت توضيح اكثر فتصور الامور المتكثرة تارة بنحو لا يكون بينها ربط اصلا كما يقول ثوب وتمر وجبل وزيد فان مفاهيم الالفاظ المذكورة تحضر فى الذهن بلا ربط لبعضها ببعض ، واخرى بنحو يكون بينهما ربط خاص فقوله زيد قائم يكون مفهوم كل من زيد وقائم يحضر فى الذهن على ربط خاص يعبر عنه بالنسبة الحملية وكذا قام زيد فان مفهوم كل من قام وزيد يحضر فى الذهن على ربط خاص يعبر عنه بالنسبة الصدورية وهكذا فى جميع الجمل فان لمفرداتها ارتباطا خاصا يعبر عنه بعبارة تخصّه وكذا لفظ فى قولك الماء فى الكوز ولفظ من فى سرت من البصرة موضوع للربط الخاص الذى كان بين مفهوم الماء ومفهوم الكوز فاذا لاحظت امثال هذه الجمل تجد امورا ثلاثة مفهوم السير ومفهوم البصرة والتعلق الخاص بينهما فكما يحتاج مفهوم السير ومفهوم البصرة وكذا سائر الأمثلة الى لفظ خاص يحكى عنه فى مقام تفهيم المقصود واظهار ما فى الضمير كذلك ذلك الربط والتعقل الخاص بينهما يكون لفظ فى ومن ونحوهما موضوعا لذلك الربط والتعلق الخاص بينهما ، فتحصل انه على القول الثانى تكون الحروف موضوعة للاضافات الخاصة الملحوظة على النحو الخاص سواء كان طرفاها جزئيين ام كليين ام مختلفين وعلى القول الاول تكون موضوعة للجامع بينها ومستعملة فيه كالاسماء وان اللحاظ كالاستقلالى لم يؤخذ فى المعنى الموضوع له ولا المستعمل فيه وانما اذا لوحظ المعنى فى مقام الاستعمال باللحاظ الآلي يصير معنى حرفيا واذا لوحظ باللحاظ الاستقلالى كان معنا اسميا فالحرف موضوع لمعنى كلى وهو مفهوم الابتداء بنحو يلاحظ مرآة لملاحظة المصاديق الخاصة من النسب الابتدائية الذهنية الحاصلة بين السير والبصرة.
(٢) اشارة الى الفرق بين هذا القول والقول المتقدم بوجوه.