كون اللحاظ المتوجه اليها استقلاليا (١) بمعنى عدم كونها مرآة لغيرها الموجب (٢) لعدم الالتفات اليها بل يكون مثل هذه النسب القائمة بالغير المعبر عنه بتقيدات معان اخرى مما يلتفت اليها بحيث (٣) يوجّه طلبه نحو الذات المتقيدة بقيد كذا على وجه يكون التقييد جزءا للمطلوب والقيد خارجا وبديهى (٤) انه لو لا الالتفات الى
______________________________________________________
(١) منها انه على القول الاول كان اللحاظ آليا وحالة لغيره لا مستقلا وعلى هذا القول يكون اللحاظ مستقلا وهو لحاظ الروابط والنسب المتحققة بين المفهومين والسر فى ذلك ان الاستقلالية والتبعية على القول الاول من صفات اللحاظ من حيث توجه اللحاظ الى المعنى تارة بنحو الاستقلال واخرى بنحو الآلية والمرآتية الى الغير كما فى نظرك الى المرآة تارة مرآة لملاحظة وجهك واخرى استقلالا لملاحظة نفسها للحكم عليها بان هذه المرآة احسن من تلك بخلافه على القول الثانى فان الاستقلالية والتبعية انما كانت من صفات نفس المعنى والملحوظ من حيث تحققه تارة فى الذهن محدودا بحد مستقل وغير متقوم بالغير واخرى لا كذلك بل حالة لمعنى آخر وقائما به كقيام العرض بمعروضه مع كونه فى مقام اللحاظ فى الصورتين ملحوظا استقلالا لا مرآة ففى الاول لا قيام للمعنى بالغير بخلاف الثانى فانه قيام حقيقى كما لا يخفى.
(٢) ومنها انه على القول الاول لا يلتفت اليها لعدم اللحاظ المستقل فيها بل يكون الالتفات اليها فى ضمن الالتفات الى اطرافها فالابتداء الحرفى ملحوظا ضمن لحاظ السير فى سر من البصرة بخلاف هذا القول فانه عبارة عن التقيدات فيكون ملتفتا اليها.
(٣) ومنها انه بعد ما كان مما يلتفت اليها يتعلق بها الطلب وهو الذات المقيد بكذا ويكون التقيد جزء للمطلوب بخلاف القول الاول فانه بعد كونه مرآتا وحالة لغيره وغير ملتفت اليه لم يتعلق بها الطلب.
(٤) فى بيان الكشف عن انها ملتفت اليها لان الطلب انما يتعلق بشيء ملتفت اليه ويكشف عن ذلك جعل التقييدات فى ضمن الخطاب فانه لو لم يكن ملتفتا اليها كيف جعلها فى حيّز الخطاب ، والثمرة الفقهية قال الله تعالى (لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) ومعناه حجوا ان استطعتم فان كان المعنى الحرفى غير مغفول عنه فيمكن ان يقال بان القيد قيد الهيئة فلا وجوب قبل حصول الشرط وهو الاستطاعة. واما اذا قلنا بانه مغفولا عنه فكل الواجبات التى يظن انها مشروطة واجبات معلقة اى القيد يكون قيد المادة ولا دخل له فى الملاك فان الوجوب فعلى والواجب استقبالى.