كل علم تصحيح الاعمال القابلة للصدور من فاعلها قولا او فعلا او استنباطا كتصحيح الكلام هيئة فى النحو (١) ومادة فى الصرف وافعال المكلفين فى الفقه (٢) وهكذا اذا التصحيح المزبور مترتب على نفس القواعد نظرا الى ان القواعد المزبورة من مبادى اتصاف هذه الامور المسطورة بالصحة قبال (٣) مبادى ايجاد هذه الامور الصحيحة فى الخارج فارغا عن اتصافها بها ومن البديهى ان مبادئ الايجاد غير مرتبط بمبادئ التصحيح وخارجة عنها فينحصر على هذا مبادى التصحيح بنفس القواعد بلا دخل شيء آخر فيها ففى مثل هذا العنوان صح لنا دعوى ترتبها بقول مطلق على القواعد المزبورة بلا دخل شيء آخر فيها ويمتاز هذا العنوان عن الحفظ المسطور فى كلماتهم بذلك (٤) كما لا يخفى ـ تذييل فيه تحقيق (٥) وهو ان دخل
______________________________________________________
من تخلفه كثيرا فانه كثيرا ما يكون الشخص متعلّما لقواعد النحو مثلا ولكن لا يتحقق معه عنوان الحفظ من جهة تكلّمه غلطا على غير القواعد ولو متعمّدا مع ان الغرض ، لا بدّ من ترتبه عليه ـ وجه الدفع اما اوّلا بان غاية ذلك نفى كون عنوان الحفظ عن الخطأ فى المقال مثلا غرضا لعلم النحو لا نفى اصل الغرض والغاية للعلم كلية وقد عرفت لزوم الداعى والغرض لكل فن ويكون هو الباعث لتمهيد قواعده الخاصة ـ وثانيا بعدم اضرار ذلك ايضا فى كون الحفظ المزبور وهو من جهة هو الغرض الداعى على جعل قواعد العلم لما مر من ان الغرض فى امثال هذه النتائج التى فيها مدخلية لارادة الغير ليس إلّا الحفظ من جهة الراجع الى سد باب عدمه من ناحية تلك القواعد لا الحفظ المطلق ومثل ذلك لا يكاد تخلفه حيث انه بمجرد تمهيد القواعد يترتب عليها الحفظ من جهة ولو لم يكن لها محصل فى العالم اصلا او كان لها محصل ولكنه لم يتحقق فى الخارج من جهة تعمد المحصل لها من التكلم غلطا على خلاف قواعد النحو والصرف مثلا ـ وثالثا مع الاغماض عن الجميع ذكرنا اخيرا انه يمكن ان يجعل الغرض من كل علم عبارة عن تصحيح الاعمال القابلة للصدور من فاعلها الذى هو مترتب لا محاله بقول مطلق على نفس القواعد بلا دخل لشيء آخر فيه.
(١) هذا هو المثال لقوله قولا.
(٢) هذا هو المثال لقوله فعلا واما استنباطا كما فى الاصول.
(٣) وهو الاحتمال الثانى المتقدم.
(٤) اى بعدم ترتبها بقول مطلق على القواعد وهو سد باب عدمه.
(٥) الجهة الرابعة فى كيفية دخل المسائل فى حصول الغرض.