القوى الوجدانية ثم (١) ان فى تقابل العقلية والوضعية جهة اختلال آخر حيث ان الدلالة العقلية ليس إلّا دلالة تصديقيه يوجب الاذعان بالمدلول (٢) بخلاف ما يستند الى مجرد الوضع لانه ليس إلّا دلالة تصوّريّة على وجه ينسبق المعنى من اللفظ الى ذهن السامع (٣) مع الجزم بعدم وجوده خارجا ام فى ذهن المتكلم (٤) او فى مرحلة ارادة تفهيمه كيف واشرنا فى المقالة السابقة الى ان الدلالة التصديقية فرع تحقق مقدمات اخرى (٥) من مثل كون المتكلم فى مقام الإفادة الاستفادة على وجه يوجب بمثلها التصديق بمراديّة المعنى للمتكلم قطعيا ام ظنيا ، وعليه فكم فرق بين سنخ الدلالة الوضعية فى الالفاظ او الطبيعية والعقلية بل وبينهما فرق آخر (٦) من حيث ان فى دلالة اللفظ على المعنى لا يلتفت الانسان الى اللفظ مستقلا بل تمام
______________________________________________________
(١) اشارة الى الجهة الثانية من الفرق بينهما وملخصه ان الدلالة الوضعية دلالة تصورية وقد تقترن بالدلالة التصديقية لا باقتضاء الوضع بل باقتضاء القرائن بخلاف الدلالة العقلية فهى دائما مقترنة بالتصديق بالمدلول لكونها مستندة الى اعتقاد الملازمة بين المتصورين وجودا فتصور احدهما والتصديق بوجوده يستلزم تصور الآخر والتصديق بوجوده.
(٢) والاعتقادية فمن نظر الى العلم المنصوب على رأس الفرسخ فكما انّه يتصوره ويصدق بوجوده كذلك يتصور رأس الفرسخ ويصدق بوجوده فى مركز العلم لاعتقاده بالملازمة المجعولة بينهما والملازمة الذاتية كذلك بطريق اولى.
(٣) عند صدور اللفظ ولو ممن لا شعور له.
(٤) فينسبق المعنى من هذا للفظ فى ذهنه فيبرزه فى الخارج عند ارادة تفهيمه وربما لا يقصد التفهيم فلا يبرزه.
(٥) فان التصديق بان ما تصوره سامع كلام المتكلم هو مراده الذى استعمل فيه اللفظ المسموع فهو امر آخر يفتقر اثباته الى دليل من القرائن الحالية او المقالية الموجبة لذلك ومنها مقدمات الحكمة.
(٦) هذه هى الجهة الثالثة من الفرق بين الدلالة الوضعية والعقلية وملخصه ان فى الدلالة اللفظية يكون تمام الالتفات الى المعنى واللفظ ما به ينظر كما مر مرارا ولذا يسرى حسن وقبح احدهما الى الآخر بخلاف سائر الدلالات فان الدال والمدلول كلاهما ملتفت اليه من العلم والفرسخ.