الرابع : أن النبي صلىاللهعليهوآله حكم بكفر أصحاب هذا الطلب ، ولعمري إن مجرد طلبهم كافٍ لإثبات ذلك . ويؤكده الغضب النبوي وقوله صلىاللهعليهوآله ( ما أراكم تنتهون يا معشر قريش ) وقوله بأن الله سيبعث عليهم رجلاً يضرب أعناقهم على الدين ، مما يدل على أنهم ليسوا عليه . بل لا يسكتون عنه إلا تحت السيف !!
ولكن الفقهاء يريدون دليلاً أكثر لمساً ، وقد أعطاهم إياه النبي صلىاللهعليهوآله فأبى أن يرد عليهم عبيدهم المملوكين ، وأخبرهم أنه أعتقهم فصاروا عتقاء الله تعالى !
فلو كان هؤلاء الطلقاء مسلمين ، وكانت ملكيتهم محترمة ، فكيف يجوز للنبي صلىاللهعليهوآله أن يعتدي على ملكيتهم ، وهو أتقى الأتقياء ، وهو القائل : لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه .. والقائل : إن أموالكم ودماءكم عليكم حرام .. الخ .
أثر هذه الحادثة على قريش
الظاهر أن هذه الحادثة كانت آخر محاولات قريش لانتزاع اعتراف النبي صلىاللهعليهوآله باستقلالها السياسي ، ولو بصيغة التحالف معه صلىاللهعليهوآله ، أو بصيغة الحكم الذاتي تحت لواء دولته ! فهل سكتت قريش بعد هذه الحادثة ؟
الذين يقرؤون التاريخ المكتوب بحبر الخلافة القرشية ، والإسلام المفصل ؟ بمقصات رواتها .. يقولون : من المؤكد أن قريشاً تابت بعد هذه الحادثة ، وأسلم زعماؤها وأتباعهم وحسن إسلامهم ، وتصدقوا وأعتقوا وحجوا ، وأكثروا من الصوم والحج والصلاة !
ولكن النبي صلىاللهعليهوآله قال ( ما أراكم تنتهون يا معشر قريش ) !! وطبيعة قريش ، وطينة زعامتها تؤكد أنهم واصلوا العمل على كل الجبهات الممكنة !!
نعم .. لقد رأت قريش أن حديدة النبي صلىاللهعليهوآله حامية ، وأن التفكير بالإستقلال السياسي عنه صلىاللهعليهوآله تفكيرٌ خاطئ ، وأن محمداً لا يقعقع له بالشنان ، فهو من علياء هاشم وذروة شجعانها ، ومعه ابن عمه قَتَّال قريشٍ ومجندل أبطالها ، ومعه الأوس والخزرج ، الذين تجرؤوا لأول مرة في تاريخهم على حرب قريش ..