وسواءً كان هذا أو ذاك ، فالواجب على كل مؤلف أن يتجرد للحق في كل ما يكتب ، وأن لا يتأثر فيه باتجاه حزبي أو تيار سياسي ، ولا يلتزم في ذلك موافقة الجمهور أو مخالفتهم . انتهى .
والطريف أن الألباني صحح حديثاً آخر برقم ١٨٥١ يقول :
( الخلافة في قريش والحكم في الأنصار والدعوة في الحبشة ) وعلى فتواه يجب أن يكون الحاكم في عصرنا من قريش من أيِّ قبائلها كان ، وأن يكون الوزراء من الأنصار .. وأن يكون وزير الإرشاد والأوقاف والمفتي وكل من عمله الإعلام والدعوة من الأفارقة ، والأحوط أن يكون من أثيوبيا !!
ذلك أن الوجوب الذي استفاده من الحديث وأفتى به بوجوب القرشية في الحاكم ، تتساوى فيه الخلافة ، والوزارة ، والدعوة !!
لقد فات هذا الشيخ أن فقه الحديث أهم من سنده ، وأنه متقدمٌ عليه رتبةً ، وأن مثل هذا الحديث بعيدٌ عن منطق النبي صلىاللهعليهوآله ، ولو صح فهو يحكي عن ظرفٍ معين ، وليس تشريعاً الى يوم القيامة !
الحادية عشرة : تخبط الشراح في تفسير الأئمة الإثني عشر
إذا أردنا أن نكون أمناء مع النص النبوي ، يلزم أن نقول : إن كلمة ( من بعدي ) في الحديث الشريف تدل على أن إمامة هؤلاء الإثني عشر تبدأ بعد وفاته صلىاللهعليهوآله مباشرة ، ولا تدل على أنهم سيحكمون من بعده ، لأنها إخبارٌ عن وجودهم فقط ، سواءً كانوا حكاماً أو محكومين . بل تدل صيغ الحديث المتقدمة عن ابن سمرة وابن مسعود ، على أن الأمة تخذل هؤلاء الأئمة الإثني عشر وتعاديهم ، وذلك يشمل إبعادهم عن الحكم ، ولكنه ذلك لا يضرهم شيئاً .
وقد تقدم في رواية تفسير الطبري ( يكون لهذه الأمة اثنا عشر قيماً ، لا يضرهم من خذلهم ... إثنا عشر قيماً من قريش لا يضرهم عداوة من عاداهم )