ومهما يكن الأمر ، فلا بد للباحثين في تفسير القرآن وعلومه ، أن يدخلوا هذا الباب بفعاليةٍ وصبر ، ويقدموا نتائج بحوثهم الى الأمة والأجيال ، لأنها ستكون نتائج جديدة ومفيدة في فهم القرآن والسيرة ، بل في فهم العقائد والفقه والإسلام عموماً ..
وأكتفي من هذا الموضوع بهذه الإشارة لنستفيد في موضوعنا من أسباب النزول .
* *
ليس من العجيب أن يختلف المسلمون في أول آيات نزلت على النبي صلىاللهعليهوآله ، لأنهم لم يكونوا مسلمين آنذاك .. ثم إنهم باستثناء القلة ، لم يكتبوا ما سمعوه من نبيهم في حياته ، فاختلفوا بعده في أحاديثه وسيرته .
ولهذا لا نعجب إذا وجدنا أربعة أقوال في تعيين أول ما أنزله الله تعالى من كتابه : أنه سورة إقرأ . وأنه سورة المدثر . وأنه سورة الفاتحة . وأنه البسملة .. كما في الإتقان للسيوطي : ١ / ٩١
ولكن العجيب اختلافهم في آخر ما نزل من القرآن ، وقد كانوا دولةً وأمةً ملتفَّةً حول نبيها ، وقد أعلن لهم نبيهم صلىاللهعليهوآله أنه راحلٌ عنهم عن قريب ، وحج معهم حجة الوداع ، ومرض قبل وفاته مدةً ، وودعوه وودعهم !!
فلماذا اختلفوا في آخر آيةٍ أو سورةٍ نزلت عليه صلىاللهعليهوآله ؟!!
الجواب : أن الأغراض الشخصية والسياسية لم تدخل في مسألة أول ما نزل من القرآن كما دخلت في مسألة آخر ما نزل منه .. كما سترى !!
سورة المائدة آخر ما نزل من القرآن
يصل الباحث في مصادر الحديث والفقه والتفسير الى أن سورة المائدة آخر سورة نزلت من القرآن .. وأن آية ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) نزلت بعد إكمال نزول جميع الفرائض .. وأن بعض الصحابة حاولوا أن يجعلوا بدل المائدة سوراً أخرى ، وبدل آية إكمال الدين ، آيات أخرى !