أما إذا عزم الله تعالى واختار للأمة ولياً بعد نبيه صلىاللهعليهوآله ، وقال لنبيه بلغ ولا تخف ، ولست مسؤولاً عن إطاعة من أطاع ومعصية من عصى .. فهل يبقى للمشاورة محلٌّ من الإعراب ! وهل يبقى للبيعة محلٌّ من الإعراب !
لقد طلب منهم الرسول صلىاللهعليهوآله تهنئة علي عليهالسلام إقراراً بالإختيار الإلۤهي ، وهي تهنئةٌ أقوى من البيعة ، وألزم منها للأعناق .. ثم ليفعلوا بعدها ما يحلو لهم .. فإنما على النبي صلىاللهعليهوآله أن يبلغهم ، وحسابهم على من يملك كل الأوراق ، ويملك الدنيا والآخرة ، ويفعل ما يريد .. سبحانه وتعالى !
وتدل رواياتنا على أنه صلىاللهعليهوآله طلب منهم مع التهنئة البيعة ، فيكون معناها أنه طلب منهم أيضاً إعلان التزامهم بإطاعة علي عليهالسلام .. فأعلنوا !
ولكن الأمر من ناحية شرعية وحقوقية ، لا يختلف ، سواء أمرهم النبي صلىاللهعليهوآله ببيعة علي عليهالسلام أم أمرهم بتهنئته فقط .. فإن تبليغ الولاية أقوى من التهنئة ، والتهنئة أقوى من البيعة .. فالتبليغ اصطفاء ، والتهنئة خضوع ، والبيعة وعدٌ بالإلتزام .
لقد سكتت قريش آنياً بسبب أنها لم تكن حاضرةً كلها في الجحفة .. وبسبب عنصر المفاجأة ، وظرف المكان والزمان .
ولعلها كانت تقنع نفسها بأن منطق التفكير النبوي يبقي لها مساحة للعمل ..
ذلك أن التبليغ وإتمام الحجة كلامٌ تركيٌّ عند قريش الناطقة بالضاد !
وحتى البيعة المأمور بها من النبي صلىاللهعليهوآله يمكن لقريش أن تجعلها مثل المراسم الدينية الأخرى ، وتجردها من معنى إمامة علي وقيادة عترة النبي صلىاللهعليهوآله من بعده !
فالباب في تصور قريش مازال مفتوحاً أمامها للتصرف !!
المنطق النبوي حقق أهدافه وفضح قريشاً
نقلت المصادر السنية ندم الخليفة القرشي أبي بكر على إصداره أمراً بمهاجمة بيت علي وفاطمة عليهماالسلام في اليوم الثاني أو الثالث لوفاة النبي صلىاللهعليهوآله .