لقد ارتاح ضميره بأنه بلغ رسالة ربه كما أمره ، واتقى غضب ربه وعذابه ..
واغرورقت عيناه بدموع الفرح والخشوع ، لأن الله رضي عنه بإعلان ولاية علي ، وأنزل عليه آية إكمال الدين وإتمام النعمة ، فأخبره بأن مهمته وصلت الى ختامها ..
كان النبي صلىاللهعليهوآله في عيدٍ ، لأنه أدى رسالة من أصعب رسالات ربه ، فرضي عنه ، وقد تكون أصعب رسالةٍ عليه في عمره النبوي على الإطلاق .. وتمت المسألة بسلامٍ ولم تقم قائمة قريش ، ولم يصب جابر بن سمرة وغيره بالصمم من لغط الناس عند سماع كلمة عترتي ، أو كلمة علي ، أو بني هاشم .
ولم تحدث حركة عصيان منظمة ، كما حدثت في المدينة عندما طلب النبي صلىاللهعليهوآله قبل وفاته بأربعة أيام ، أن يأتوه بدواة وقرطاسٍ ليكتب لهم كتاباً لن يضلوا بعده أبداً .. ولم تحدث حركة ردة نهائياً ، والحمد لله !
ارتاح ضمير النبي صلىاللهعليهوآله بأنه بلغ رسالة ربه كما أمره .. وهذه هي الرسالة التي روى الحسن البصري أن الله أمر رسوله بها فضاق بها صدره ، فتوعده ربه بالعذاب إن لم يبلغها ، فخاف ربه وصدع بها .. ولكن الحسن البصري كما قال الراوي راوغ فيها وراغ عنها ، ولم يخبرهم ما هي ! وكل غلمان قريش إخوان الحسن البصري ، من الفرس وغيرهم ، يراوغون فيها وفي أمثالها ، ويخفون ما أنزل الله تعالى في عترة نبيه صلىاللهعليهوآله !
كان النبي صلىاللهعليهوآله يفكر ربانياً بأعلى مستوى من البيعة .. يفكر على مستوى الأمر الإلۤهي والإختيار الإلۤهي ، الذي لا خيرة فيه لأحد ، ولا محل فيه للبيعة ، إلا إذا طلبها من الناس النبي أو الوصي ، فتجب .
فهذا هو منطق التبليغ ، وحسب !
ولذلك لم يشاورهم النبي صلىاللهعليهوآله في بيعة علي ، لأن اختيار الله تعالى لا يحتاج الى مشورتهم ، ولا بيعتهم ، ولا رضاهم ..
لقد أمر الله تعالى رسوله صلىاللهعليهوآله أن يشاورهم ليتألفهم ، ويسيروا معه في الطريق الصحيح .. أما إذا عزمت فتوكل ، ولا تسمع لكلام مخلوق لأنك تسير بهدى الخالق !