والمتأمل في هذه المشكلة ينفر من هؤلاء الكذابين ، لأن عملهم عملٌ شيطاني من شأنه أن يشوه الإسلام ويزوره ، ويمنع وصوله الى الأجيال .. خاصة أن النبي صلىاللهعليهوآله لم يكن مأموراً بفتح جبهة داخلية مع أصحابه أبداً ، ولم يؤمر بفضح هؤلاء الكذابين ولا بمعاقبتهم على كذبهم الماضي أو الآتي !!
فهل يكفي في معالجة المشكلة تحذير الكذابين ، وتحذير الأمة منهم ؟!
من الواضح أن ذلك العلاج لا يؤثر إلا تقليل حجم المشكلة الكمي ، ولذا فإن تصريح النبي صلىاللهعليهوآله بوجودها ، وإخباره باستمرارها وتفاقمها بعده ، دليلٌ على أنه وضع لها بأمر ربه الحكيم ، علاجاً كافياً ..
وقد كان العلاج وجوب عرض أحاديثه التي تروى عنه على الثقلين اللذين تركهما في الأمة وأوصاها بهما .. فكل حديث خالف كتاب الله تعالى فهو زخرفٌ باطل ، يستحيل أن يكون صادراً من النبي صلىاللهعليهوآله ، لأنه لا يقول ما يخالف القرآن .. وكل حديث يخالف ما ثبت عن عترته الذين هم مع القرآن ، فهو باطلٌ أيضاً لأنهم مع القرآن دائماً ، ولأنهم ورثة النبي صلىاللهعليهوآله والمبينون علومه للأمة من بعده .
الأساس الثالث : وحدة شريعة المسلمين وثقافتهم
وقد وردت مبادئ هذا الأساس في فقرات متعددة من خطب حجة الوداع ، ذكرنا منها أداء الأمانة وتشريعات الإرث والديات والحج .. ويوجد في الخطب الشريفة تشريعاتٌ أخرى أيضاً .
ومن الواضح أن العامل الأساسي في وحدة ثقافة الأمة الإسلامية على اختلاف بلادها وقومياتها ، هو وحدة عقيدتها وشريعتها .. وأن كل الدول والحضارات لم تستطع أن تحقق بين الشعوب التي شملتها ما حققه الإسلام من وحدة في التصور والسلوك ، ما زالت قائمة الى اليوم بين شعوبه ، رغم كل العوامل المضادة !