فقد كان الإسلام الذي أنزله الله تعالى ، وبناه رسوله صلىاللهعليهوآله صرحاً كبيراً وقلعةً محكمة ، يئس الشيطان من قدرته على هدمها ، فاتجه الى إقناع شخص من أهلها بسحب حجر واحدٍ صغير من جنب الجدار ، ثم حجرٍ آخر .. وآخر .. حتى يفرغ تحت الأساس فينهار الصرح على من فيه !
ومن الأمور الملفتة التي وردت في التوجيه النبوي في رواية علي بن ابراهيم أن إطاعة الشيطان في محقرات الذنوب عبادةٌ له ، فالذين يبدؤون بالإنحراف في مجتمع ، إنما يعبدون الشيطان ولا يعبدون الله تعالى ، وهم بدعوتهم الى انحرافهم يدعون الأمة العابدة لله تعالى الى عبادة الشيطان .. ( ولكنه راض بما تحتقرون من أعمالكم ، ألا وإنه إذا أطيع فقد عبد ! ) .
كما أن شهادة النبي صلىاللهعليهوآله بأن الشيطان راض بما تحتقرون من أعمالكم ، شهادةٌ خطيرة يخبر بها عن ارتياح الشيطان من نجاحه في مشروعه في إضلال الأمة ، وهدم صرحها عن طريق المحقرات .. وهو ينفع في تفسير قوله تعالى : وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ . سبأ ـ ٢٠
أما أهل البيت عليهمالسلام فقد اعتبروا أن طمع الأمة بالسلطة بعد النبي صلىاللهعليهوآله وصراعها عليها ، كان أعظم المحقرات التي ارتكبتها بعد نبيها .. ففي بحار الأنوار : ٢٨ / ٢١٧ عن الإمام الباقر عليهالسلام قال في تفسير قوله تعالى : ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ قال : ذلك والله يوم قالت الأنصار : منا أميرٌ ومنكم أمير ! انتهى .
* *
وأما المبدأ العاشر ( تحذير النبي صلىاللهعليهوآله من الكذب عليه ) فقد ورد في روايتي أحمد المتقدمتين وغيرهما ، ووردت فيه أحاديث كثيرة مشددة في مصادر الشيعة والسنة ، تدل على أن هذه المشكلة كانت موجودة في حياة النبي صلىاللهعليهوآله ، وأنه أخبر بأنها ستزداد من بعده ، ويكثر الكذابون عليه !