وحج النبي صلىاللهعليهوآله بالمسلمين ، وعلمهم حجهم ، وواصل تركيز مبادئ الإسلام في نفوسهم ، ومكانة الأئمة من عترته ، كما مر في حديث الأئمة الإثني عشر ، وحديث الثقلين ، وحديث فرض الخمس لهم ، وتحريم الصدقات عليهم .. الخ .
وفي آخر أيام الحج نزل عليه جبرئيل عليهالسلام أن الله تعالى يأمرك أن تدل أمتك على وليهم ، فاعهد عهدك ، واعمد الى ما عندك من العلم وميراث الأنبياء فورثه إياه ، وأقمه للناس علماً ، فإني لم أقبض نبياً من أنبيائي إلا بعد إكمال ديني ، ولم أترك أرضي بغير حجة على خلقي ...
فأخذ النبي صلىاللهعليهوآله يفكر في طريقة الإعلان ، نظراً الى وضع قريش المتشنج ، وقال في نفسه : أمتي حديثو عهد بالجاهلية ومتى أخبرتهم بهذا في ابن عمي يقول قائل ، ويقول قائل ! لذلك قرر أن ينفذ هذا الأمر الالهي الجديد في عترته ، بعد رجوعه الى المدينة ، بالتمهيد المناسب ، وبمعونة الأنصار ..
الوحي يوقف القافلة النبوية
ورحل النبي صلىاللهعليهوآله من مكة وهو ناوٍ أن يكون أول عمل يقوم به في المدينة إعلان ولاية عترته ، كما أمره ربه تعالى .
لكن في اليوم الثالث من مسيره ، عندما وصل الى كراع الغميم ، وهو كما في مراصد الإطلاع : موضع بين مكة والمدينة ، أمام عسفان بثمانية أميال .. جاءه جبرئيل عليهالسلام لخمس ساعات مضت من النهار ، وقال له : يا محمد إن الله عز وجل يقرؤك السلام ويقول لك ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ، وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ، وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ، إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ) .
فخاف النبي صلىاللهعليهوآله وخشع لربه ، وتَسَمَّرَ في مكانه ، وأصدر أمره الى المسلمين بالتوقف ، وكان أولهم قد وصل الى مشارف الجحفة ، وكانت الجحفة بلدةً عامرةً على بعد ميلين أو أقل من كراع الغميم ، ولكن النبي صلىاللهعليهوآله أراد تنفيذ الأمر الإلۤهي المشدد ، فوراً في المكان الذي نزل فيه الوحي .. !