فالإختيار الإلۤهي قد تمَّ ، وهو يحتاج الى قبولٍ وتهنئةٍ ، ولا يحتاج الى مشورتهم ولا الى بيعتهم ، لكن لو طلبها النبي صلىاللهعليهوآله منهم وجبت عليهم .. ولو طلبها عليٌّ عليهالسلام منهم ، وجبت عليهم أيضاً .
ولهذا لا تنفع مناقشة المناقشين بأن ما طلبه النبي عليهالسلام من المسلمين في الغدير كان مجرد التهنئة لعلي عليهالسلام بالولاية ، ولم يكن البيعة .. لأن صدور الأمر الإلۤهي بولايته يُفْرِغ البيعة البشرية من القوة الإنشائية ، ويحصر قيمتها في الإعتراف والإلتزام بالأمر الإلۤهي ، كلما طلبها منهم النبي صلىاللهعليهوآله أو الولي عليهالسلام .
والقاعدة الكلية في هذا الموضوع : أن الأمة إنما تملك الولاية على نفسها واختيار حكامها ـ في حدود ما ثبت في الشريعة المقدسة ـ في حالة عدم اختيار الله تعالى لأحد .. أما إذا اختار عز وجل إماماً فقد قضي الأمر ، ولم يبق معنىً لاختيار الأمة لحاكم آخر ، إلا أنها تتفلسف في مقابل ربها عز وجل ، وتخالف اختيار مالكها الحكيم سبحانه ..
العاشرة : قرشية الحديث ألقاها عمر في البحر
ومما ينبغي تسجيله هنا : أن الذي رفع راية ( أن الخليفة من قريش والخلافة لا تكون إلا في قريش ) هو الخليفة عمر بن الخطاب ، فقد احتج على الأنصار في السقيفة بأن قريشاً قوم النبي صلىاللهعليهوآله وقبيلته فهم أحق بسلطانه ! وكان هدفه من ذلك تسكيت الأنصار ، الذين يعيش القرشيون في بلدهم وضيافتهم ، حتى لا يقولوا نحن نصرناه ونحن أولى بخلافته !!
وقد نجح عمر بهذا المنطق القبلي في السقيفة ، بسبب تفرق كلمة الأنصار ، رغم مخالفة رئيسهم سعد بن عبادة مخالفةً عنيفة .
ولكن عمر نفسه عند وفاته تخلى عن مبدأ قرشية الخليفة ، وألقى به في البحر ، وأكد أنه لو كان سالم الفارسي مولى أبي حذيفة الأموي حياً ، لعهد اليه بالخلافة !!