فسكتوا ، فجعل يعرض ذلك عليهم رجلاً رجلاً ، ليس منهم أحد يقبله ، حتى لم يبق منهم أحد غيري ، وأنا يومئذ من أحدثهم سناً ، فعرض عليَّ فقلت : أنا يا رسول الله . فقال : نعم ، أنت يا علي .
فلما انصرفوا قال لهم أبو لهب : لو لم تستدلوا على سحر صاحبكم إلا بما رأيتم ، أتاكم بفخذ شاة وقدح من لبن فشبعتم ورويتم ! وجعلوا يهزؤون ويقولون لأبي طالب : قد قدم ابنك اليوم عليك . انتهى .
ولا بد أن تكون حادثة دعوة النبي صلىاللهعليهوآله لبني هاشم قد شاعت في قريش ، ثم في العرب ، فقالوا إن النبي الجديد جمع عشيرته وأنذرهم ودعاهم الى دينه ، وإنه طلب منهم شخصاً يكون له وزيراً وخليفةً من بعده ، فأجابه ابن عمه الشاب الغلام .. فاتخذه وزيراً وخليفة !
* *
فهذه النصوص تدل على أن ولاية الأمر بعد النبي صلىاللهعليهوآله كانت مطروحةً ومنظورةً للناس ، من أول بعثته الى آخر حياته صلىاللهعليهوآله .. وأن كل الناس كانوا يعرفون أن مشروع النبوة ودعوة الناس اليها ، هو مشروع تكوين دولة يرأسها النبي صلىاللهعليهوآله ، وتحتاج الى خليفة له بعده . ولذلك كان ممثلو القبائل يحاولون أن يأخذوا منه وعداً بأن يكون لهم الأمر من بعده ، ومنهم ممثلون لقبائل يمانية وعدنانية ، وزعيم قبائل نجد المتنقلة .. فكيف يصدق عاقلٌ ما زعمه زعماء قريش ، من أنهم لم يطرحوا مسألة الخلافة مع النبي صلىاللهعليهوآله ، حتى بصيغة سؤال عن الحكم الشرعي وواجب المسلمين من بعده !!
وكيف يقبل عاقل أنهم يروون عنه صلىاللهعليهوآله أحاديث عن مستقبل الأمة في كل الأمور ، إلا في أمر الخلافة والإمام الشرعي من بعده ؟!
* *