وقد رأيت أن مسلماً رواه ، ولكن لفظ الحاكم فيه إخبارٌ نبوي باستمرار وجود إمام من أهل بيته صلىاللهعليهوآله الى يوم القيامة .
ـ وانظر كيف صوَّر ابن كثير القضية في بدايته : ٥ / ٤٠٨ ، قال :
لما تفرغ النبي من بيان المناسك ، ورجع الى المدينة خطب خطبة عظيمة الشأن في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة بغدير خم ، تحت شجرة هناك ، فبين فيها أشياء ، وذكر في فضل علي بن أبي طالب وأمانته وعدله وقربه إليه ، وأزاح به ما كان في نفوس كثير من الناس منه ، وقد اعتنى بأمر حديث غدير خم أبو جعفر الطبري ، فجمع فيه مجلدين ، وأورد فيها طرقه وألفاظه ، وكذلك الحافظ الكبير أبو القاسم بن عساكر أورد أحاديث كثيرة في هذه الخطبة . انتهى .
فقد جعل القضية أن كثيراً من المسلمين كانوا غاضبين من علي بن أبي طالب ، متحاملين عليه في أنفسهم ، فأوقف النبي المسلمين صلىاللهعليهوآله في غدير خم ، لكي يثبت لهم براءة علي ويرضِّيهم عنه ، فذكر فضله وقربه منه ( وأزاح به ما كان في نفوس كثير من الناس منه ) وبين في خطبته ( أشياء ) من هذا القبيل ! وكان الله يحب المحسنين !
إن هذا الأسلوب إنما يكتب به مؤرخٌ من عشيرة بني عبد الدار ، الذين قتل علي منهم بضعة عشر فارساً منهم حملوا لواء قريش في وجه رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ولكن المؤرخ المسلم لا يستطيع أن يكتب به إلا .. إذا كان مبغضاً لعلي بن أبي طالب !
فهل عرفت لماذا يحب ( السلفيون ) ابن كثير ويهتمون بنشر كتبه ؟!
لماذا الجحفة وغدير خم
والسؤال هنا : لماذا الوحي في طريق المدينة .. والصحراء والظهيرة ؟
والجواب : ظأن الله تعالى قال بذلك لرسوله : المدينة أيها الرسول مثل مكة ، فإن بلغت ولاية عترتك فيها ، فقد تعلن قريش معارضتها ثم ردتها ! فموقفها من عترتك جازم ، ومستميت .. وبما أن واجبك التبليغ مجرد التبليغ ، وإنما بعثت للتبليغ ، فهو ممكنٌ هنا .. والزمان والمكان هنا مناسبان من جهات شتى ، فبلغ ولا تؤخر .