ـ قال الكنجي الشافعي في ينابيع المودة / ٤٤٦
قال بعض المحققين : إن الأحاديث الدالة على كون الخلفاء بعده صلىاللهعليهوآله اثنا عشر قد اشتهرت من طرق كثيرة ... فبشرح الزمان وتعريف الكون والمكان ، علم أن مراد رسول الله صلىاللهعليهوآله من حديثه هذا الأئمة الإثنا عشر من أهل بيته وعترته ، إذ لا يمكن أن يحمل هذا الحديث على الخلفاء بعده من أصحابه لقلتهم عن اثني عشر ، ولا يمكن أن يحمله على الملوك الأموية لزيادتهم على اثني عشر ، ولظلمهم الفاحش إلا عمر بن عبد العزيز ، ولكونهم من غير بني هاشم ، لأن النبي صلىاللهعليهوآله قال كلهم من بني هاشم في رواية عبد الملك ، عن جابر ، وإخفاء صوته صلىاللهعليهوآله في هذا القول يرجح هذه الرواية ، لأنهم لا يحسنون خلافة بني هاشم .
ولا يمكن أن يحمله على الملوك العباسية ، لزيادتهم على العدد المذكور ، ولقلة رعايتهم الآية : قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ، وحديث الكساء .
فلا بد من أن يحمل هذا الحديث على الأئمة الإثني عشر من أهل بيته وعترته صلىاللهعليهوآله ، لأنهم كانوا أعلم أهل زمانهم وأجلهم وأورعهم وأتقاهم ، وأعلاهم نسباً ، وأفضلهم حسباً ، وأكرمهم عند الله ....
ويؤيد هذا المعنى ، أي أن مراد النبي صلىاللهعليهوآله الأئمة الإثني عشر من أهل بيته ، ويشهد له ويرجحه : حديث الثقلين ، والأحاديث المتكثرة المذكورة في هذا الكتاب ، وغيرها ....
وفي نهج البلاغة من خطبته علي كرم الله وجهه : أين الذين زعموا أنهم الراسخون في العلم دوننا ، كذباً وبغياً علينا أن رفعنا الله ووضعهم ، وأعطانا وحرمهم ، وأدخلنا وأخرجهم .. بنا يستعطى الهدى ، وبنا يستجلى العمى .
وإنه سيأتي عليكم من بعدي زمان ليس فيه شئ أخفى من الحق ، ولا أظهر من الباطل ، ولا أكثر من الكذب على الله ورسوله صلىاللهعليهوآله ، وليس عند أهل ذلك الزمان سلعة أبور من الكتاب إذا تلي حق تلاوته ، ولا أنفق منه إذا حرف عن مواضعه ، ولا في البلاد شئ أنكر من المعروف ، ولا أعرف من المنكر .