انّ « البأساء » نقيض « النعماء » ، « الضراء » نقيض « السراء » ، و « الزلزلة » شدة الحركة ، والزلزال البلية المزعجة لشدة الحركة والجمع زلازل ، وأصله من قولك زلّ الشيء عن مكانه ، ضوعف لفظه بمضاعف معناه ، نحو صرى وصرصر ، وصلىٰ وصلصل ، فإذا قلت زلزلته ، فمعناه كررت تحريكه عن مكانه.
وقد جاء ما يقرب من مضمون الآية في آيات أُخرى ، منها قال سبحانه : ( وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَٰئِكَ هُمُ المُتَّقُونَ ) (١).
وقال سبحانه : ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَىٰ أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُم بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ ) (٢).
وقال سبحانه : ( وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ ) (٣).
تدلُّ مجموع هذه الآيات على دوام الابتلاء والامتحان في جميع الأُمم خصوصاً في الأمة الإسلامية.
ثمّ إنّ الهدف من امتحان أبناء البشر هو تحصيل العلم بكفاءة الممتحن ، لكنّه فيه سبحانه يستهدف إلى إخراج ما بالقوة من الكمال إلى الفعلية مثلاً : فانّ إبراهيم عليهالسلام كان يتمتع بموهبة التفاني في الله وبذل ما يملك في سبيله غير انّه لم تكن لها ظهور وبروز ، فلما وقع في بوتقة الامتحان ظهرت تلك الموهبة إلى الوجود بعد ما كانت بالقوة.
__________________
(١) البقرة : ١٧٧.
(٢) الأنعام : ٤٢.
(٣) الأعراف : ٩٤.