السعة والضيق ، والكبر والصغر ( بِقَدَرِهَا ) أي كلّ يأخذ بقدره ، ففيضه سبحانه عام لا يحدد وإنّما التحديد في الآخذ ، فكلّ يأخذ بقدره وحده ، فقدر النبات يختلف عن قدر الحيوان ، وهو عن الإنسان ، فكلّ ما يفاض عليه الوجود إنّما هو بقدر قابليته ، كما أنّ السيل المنحدر من أعالي الجبال مطلق غير محدد ، ولكن يستوعب كل وادٍ من ماء السيل بقدر قابليته وظرفيته.
( فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا ) أي طافياً عالياً فوق الماء.
إلى هنا تمّت الإشارة إلى التمثيل الأوّل.
ثمّ إنّ الزبد لا ينحصر بالسيل الجارف بل يوجد طافياً على سطح أنواع الفلزات والمعادن المذابة التي تصاغ منها الحلي للزينة والأمتعة ، كما قال سبحانه ( وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ ).
إلى هنا تمّت الإشارة إلى التمثيل الثاني ، كما قال : ( كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الحَقَّ وَالْبَاطِلَ ) أي كذلك يوصف الحقّ والباطل ليأخذ طريقه بين الناس ، ثمّ أشار إلى التمثيل الثالث وهو انّ من سمات الحق بقاءه وانتفاع الناس به ( فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ) حيث إنّ زبد السيل وزبد ما يوقدون عليه ينطفئ بعد مدة قصيرة كأن لم يكن شيئاً مذكوراً فيذهب جفاءً باطلاً متلاشياً.
( وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ ) فانّ الماء الخالص أو المعادن الخالصة التي فيها انتفاع الناس يمكث في الأرض.
ثمّ إنّه سبحانه ختم الآية بقوله : ( كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ ) وقد مرّ في المقدمات معنى ضرب المثل ، وقلنا انّ المراد هو وصف حال المشبه وبيانه.
هذا ما يرجع إلى تفسير ظاهر الآية ، لكن الآية من غرر الآيات القرآنية التي