تبحث عن طبيعة الحقّ والباطل وتكونهما وكيفية ظهورهما والآثار المترتبة عليهما ، ولا بأس بالإشارة إلى ما يمكن الاستفادة من الآية.
١. انّ الإيمان والكفر من أظهر مصاديق الحق والباطل ، ففي ظل الإيمان بالله تبارك وتعالى حياة للمجتمع وإحياء للعدل ، والعواطف الإنسانية ، فالأمّة التي لم تنل حظها من الإيمان يسودها الظلم والأنانية وانفراط الأواصر الإنسانية التي تعصف بالمجتمع الإنساني إلى الهاوية.
٢. انّ الزبد أشبه بالحجاب الذي يستر وجه الحقّ مدة قصيرة ، فسرعان ما يزول وينطفئ ويظهر وجه الحقيقة أي الماء والفلزات النافعة.
فهكذا الباطل ربما يستر وجه الحقيقة من خلال الدعايات المغرضة ، ولكنّه لا يمكث طويلاً فيزول كما يزول الزبد ، يقول سبحانه : ( وَقُلْ جَاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ) (١).
وقال تعالى : ( وَيَمْحُ اللهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ ) (٢).
٣. انّ الماء والفلزات منبع البركات والخيرات له ، والزبد خبث لا ينتفع منه ، فهكذا الحق والباطل ، فما هو الحقّ كالإيمان والعدل ينتفع به الناس ، وأمّا الباطل كالكفر والظلم لا ينتفع منه الناس.
٤. انّ الماء فيض مادي يفيضه الله سبحانه إلى السماء على الوديان والصحارى ، فكل يأخذ بمقدار سعته ، فالوادي الكبير يستوعب ماء كثيراً بخلاف الوادي الصغير فلا يستوعب سوى قليلاً من الماء وهكذا الحال في الأرواح والنفوس فكل نفس تنال حظها من المعارف الإلهية حسب قابليتها ، فهناك نفس
__________________
(١) الإسراء : ٨١.
(٢) الشورى : ٢٤.