السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) (١) وقال : ( لَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَىٰ ) (٢).
ومنه يظهر جواب سؤال طرحه الطبرسي في « مجمع البيان » ، وقال : كيف يمكن الجمع بين قوله سبحانه ( وَللهِ المَثَلُ الأَعْلَىٰ ) وقوله : ( فَلا تَضْرِبُوا للهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) (٣).
والجواب انّ المراد من ضرب الأمثال هو وصفه بما يدل على فقره وحاجته أو تشبيهه بأُمور مادية ، وقد تقدم انّ المشركين جعلوا له نصيباً من الحرث والأنعام ، كما جعلوا الملائكة بناتاً له ، يقول سبحانه : ( وَجَعَلُوا المَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَٰنِ إِنَاثًا ) (٤) ، ويقول سبحانه : ( وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجِنَّةِ نَسَبًا ) (٥). إلى غير ذلك من الصفات التي يتنزه عنها سبحانه ، فهذا النوع من التمثيل أمر محظور ، وهو المراد من قوله ( فَلا تَضْرِبُوا للهِ الأَمْثَالَ ).
وأمّا التمثيل لله سبحانه بما يناسبه كالعزّة والكبرياء والعلم والقدرة إلى غير ذلك ، فقد أجاب عليه القرآن ولم ير فيه منعاً وحظراً ، بشهادة انّه سبحانه بعد هذا الحظر أتى بتمثيلين لنفسه ، كما سيتضح في التمثيل الآتي.
وربما يذكر في الجواب بأنّ الأمثال في الآية جمع « المِثْل » بمعنى « الند » ، فوزان قوله ( لا تَضْرِبُوا للهِ الأَمْثَالَ ) كوزان قوله : ( فَلا تَجْعَلُوا للهِ أَندَادًا ) (٦) ، ولكنّه معنى بعيد ، فانّ المثل بفتح العين يستعمل مع الضرب ، دون المثل بسكون
__________________
(١) الروم : ٢٧.
(٢) طه : ٨.
(٣) النحل : ٧٤.
(٤) الزخرف : ١٩.
(٥) الصافات : ١٥٨.
(٦) البقرة : ٢٢.