وأمّا شأن نزولها فقد نقل عن الكلبي أنّها امرأة حمقاء من قريش كانت تغزل مع جواريها إلى انتصاف النهار ، ثمّ تأمرهنَّ أن ينقضن ما غزلن ولا يزال ذلك دأبها ، واسمها « ريطة » بنت عمرو بن كعب بن سعد بن تميم بن مرة ، وكانت تسمّى فرقاء مكة (١).
إنّ لزوم العمل بالميثاق من الأمور الفطرية التي جُبل عليها الإنسان ، ولذلك نرى أنّ الوالد إذا وعد ولده شيئاً ، ولم يف به فسوف يعترض عليه الولد ، وهذا كاشف انّ لزوم العمل بالمواثيق والعهود أمر فطر عليه الإنسان.
ولذلك صار العمل بالميثاق من المحاسن الأخلاقية التي اتّفق عليها كافة العقلاء.
وقد تضافرت الآيات على لزوم العمل به خصوصاً إذا كان العهد لله ، قال سبحانه : ( وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً ) (٢).
وقال تعالى : ( وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ) (٣) .
وفي آية ثالثة : ( وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ) (٤).
وفيما نحن فيه يأمر بشيء وينهى عن آخر.
أ : فيقول ( أَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ ) فيأمر بالوفاء بعهد الله ، أي العهود التي يقطعها الناس مع الله تعالى. ومثله العهد الذي يعهده مع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأئمة المسلمين ، فكلّ ذلك عهود إلهية وبيعة في طريق طاعة الله سبحانه.
__________________
(١) الميزان : ١٢ / ٣٣٥.
(٢) الإسراء : ٣٤.
(٣) المؤمنون : ٨.
(٤) البقرة : ٤٠.