( وَاضْرِبْ لَهُم ) أي للكفار مع المؤمنين ( مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا ) أي للكافر ( جَنَّتَيْنِ ) أي بستانين ( مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا ) أحدقناهما بنخل ( وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا ) يقتات به ( كِلْتَا الجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا ) ثمرها ( لَمْ تَظْلِم ) تنقص ( مِّنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَرًا ) يجري بينهما ( وَكَانَ لَهُ ) مع الجنتين ( ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ ) المؤمن ( وَهُوَ يُحَاوِرُهُ ) يفاخره ( أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَرًا ) عشيرة ( وَدَخَلَ جَنَّتَهُ ) بصاحبه يطوف به فيها ويريه ثمارها. ( وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ ) بالكفر ( قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ ) تنعدم (هَٰذِهِ أَبَدًا * وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي ) في الآخرة على زعمك ( لأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا ) مرجعاً ( قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ ) يجادله ( أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ) لأنّ آدم خلق منه ( ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ ) عدلك وصيّرك ( رَجُلاً ). أمّا أنا فأقول ( لَّٰكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا * وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ) عند اعجابك بها ( مَا شَاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ ). (إِن تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَدًا * فَعَسَىٰ رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا ) وصواعق ( مِّنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا ) أي أرضا ً ملساء لا يثبت عليهاقدم ( أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا ) بمعنى غائراً ( فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا ) حيلة تدركه بها ( وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ ) مع ما جنته بالهلاك فهلكت ( فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ ) ندماً وتحسراً ( عَلَىٰ مَا أَنفَقَ فِيهَا ) في عمارة جنته ( وَهِيَ خَاوِيَةٌ ) ساقطة ( عَلَىٰ عُرُوشِهَا ) دعائمها للكرم بأن سقطت ثمّ سقط الكرم ( وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي ) كأنّه تذكّر موعظة أخيه ( لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا * وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ ) جماعة ( يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللهِ ) عند هلاكها و ( مَا كَانَ مُنتَصِرًا ) عند هلاكها بنفسه ( هُنَالِكَ ) أي يوم القيامة ( الْوَلايَةُ ) الملك ( للهِ الحَقِّ ) (١).
__________________
(١) السيوطي : تفسير الجلالين : تفسير سورة الكهف.