ثمّ إنّ أفخر أنواع الزيوت هو المأخوذ من شجرة الزيتون المغروسة في مكان تشرق عليه الشمس من كل الجوانب حيث تكون في غاية الصفاء وسريعة الاشتعال ، بخلاف المغروسة في جانب الشرق أو جانب الغرب ، فانّها لا تتعرض للشمس إلاّ في أوقات معينة.
قال العلاّمة الطباطبائي :
والمراد بكون الشجرة لا شرقية ولا غربية ، انّها ليست نابتة في الجانب الشرقي ، ولا في الجانب الغربي حتى تقع الشمس عليها في أحد طرفي النهار ، ويضيء الظل عليها في الطرف الآخر ، فلا تنضج ثمرتها ، فلا يصفو الدهن المأخوذ منها ، فلا تجود الإضاءة (١).
إلى هنا تم ما يرجع إلى مفردات الآية ، فعلىٰ ذلك فالمشبه به عبارة عن مشكاة فيها مصباح وعليها زجاجة ، يوقد المصباح من زيت شجرة الزيتون المغروسة المتعرضة للشمس طول النهار على وجه يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار ، لأنّ الزيت إذا كان خالصاً صافياً يرىٰ من بعيد كأنّ له شعاعاً فإذا مسه النار ازداد ضوءاً على ضوء.
فالمشبه به هو النور المشرق من زجاجة مصباح ، موقد من زيت جيد صاف موضوع على مشكاة ، فانّ نور المصباح تجمعه المشكاة وتعكسه فيزداد إشراقاً.
وأمّا قوله في آخر الآية : ( نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ ) بمعنى تضاعف النور وأنّ نور الزجاجة مستمد من نور المصباح في إنارتها.
قال العلاّمة الطباطبائي :
__________________
(١) الميزان : ١٥ / ١٢٤.