مضى في القرآن ـ في غير موضع منه ـ ذكر قصتهم وحالهم العجيبة التي حقها أن تصير مسير المثل.
وبعبارة أُخرى : انّ كفار مكة سلكوا في الكفر والتكذيب مسلك من كان قبلهم فليحذروا أن ينزل بهم من الخزي مثلما نزل بالاَُمم الغابرة ، فقد ضربنا لهم مثَلَهم ، كما قال تعالى : ( وَكُلاًّ ضَرَبْنَا لَهُ الأَمْثَالَ ) (١).
ايقاظ
ثمّ إنّه ربما عدّ من أمثال القرآن ، قوله سبحانه : ( وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَٰنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ) (٢).
كان المشركون في العصر الجاهلي يعدّون الملائكة إناثاً وبناتاً لله تبارك وتعالى ، يقول سبحانه : ( وَجَعَلُوا المَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَٰنِ إِنَاثًا ) فردّ عليهم بقوله : ( أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ ).
وقال سبحانه : ( وَيَجْعَلُونَ للهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُم مَّا يَشْتَهُونَ ) (٣).
فعلى ذلك فالملائكة عند المشركين بنات الله سبحانه.
ثمّ إنّ الآية تحكي عن خصيصة المشركين بأنّهم إذا رزقوا بناتاً ظلّت وجوههم مسودة يعلوها الغيظ والكظم ، قال سبحانه : ( وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَٰنِ مَثَلاً ) أي وصف الله به ، وقد عرفت انّهم وصفوه بأنّ الملائكة بنات الله.
__________________
(١) الفرقان : ٣٩.
(٢) الزخرف : ١٧.
(٣) النحل : ٥٧.